ads header

أخبار الموقع

دعوة حضور بقلم سمر سعيد

 

قصة قصيرة

"صرخ مهللاً لقد وجدتها اليوم، سوف أغير مجريات الطبيعة، اليوم سوف أثبت للجميع نجاحي،اليوم سوف ترون مهارة دكتور عز الحقيقية"

حقن وريده  بمادة كيميائية كان قد انتهى من إعدادها قبل قليل، لحظات قليلة وبدأ يتشنج ويصرخ كمَن صُعق بتيار كهربائي، بدأ جسده في التبخر كما الهواء..

نظر إلى المرآة المقابلة له فلم يجد انعكاس صورته أمامه،

قفز في الهواء من السعادة:

- لقد أصبحت شبحاً، اخترقت كل القواعد، سوف أصبح حديث المجلات العلمية،يا لها من إمكانيه



خارقة سوف تفيد البشرية، جيش من الجنود الخفية يقضي على الفساد. 

غادر شقته ليختبر رد فعل الجميع..

اول مَن قابله كان حارس العقار، اقترب من أذنه بروية ثم همس باسمه، نظر الحارس خلفه فلم يجد أي شخص، ظن أنه خُيل له،عاود الهمس مرة أخرى، ليصرخ الحارس وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم 

- جن يهمس باذني. 

ضحك عز من رد فعل الحارس، ثم أكمل طريقه..

توجه نحو سيارته إلا أنه تراجع عن هذه الفكرة، وقرر ركوب المترو.. 

كان كالهواء يمر بين الأشخاص لا يراه أحد، ظل يتجول في افتخار بهذا العقار السحري.. عاد لمنزله وحقن وريده مرة أخرى بسائل من قارورة كان يضعها بدرج مكتبه، لحظات وتكوَّن جسده من جديد، عظام يكسوها اللحم،زفر في سعادة ونصر:

- لقد تحققت قوتي.

في الصباح نفض عن مقلتيه الكسل والخمول، وتوجه لمقر إدارة البحث العلمي؛ لتسجيل براءة العقار باسمه..

عرف من فتى الشاي اسم الموظف المسؤول.. في لحظات وجد نفسه أمامه يقول في سعادة:

-صباح الخير أستاذ معتز، أود تسجيل براءة اختراع. 

لم يعره معتز اهتماما، وظل يراجع أوراقا كانت تسكن أعلى مكتبه. 

عاود عز الطلب مرة أخرى بصوت أعلى؛ وقد ظن أن الموظف يعاني من ضعف السمع ،عدل موضع  نظارته الطبية  ليجيب بكل تهكم:

- لمَ كل تلك الجلبة؟ لقد سمعت طلبك منذ البداية.

اندهش عز من طريقة الموظف وأسلوبه، حاول أن يستجمع صبره، ويتحكم في أعصابه ليجيبه بنفس نبرة التهكم والبرود:

- إذا لماذا لم تعرني انتباهك؟ فأنا عالم، وبهذا الاختراع سوف أصبح مشهوراً، وسوف افيد البشرية.

ضحك الموظف مستهزئاً من عز 

- وما اختراعك لتصبح مشهوراً؟! هل توصلت لعقار جديد يقضي على فيروس كوفيد١٩؟!أم أنك توصلت لعقار يقضي على الوباء الكبدي؟! 

أجابه عز بكل ثقة: 

- لا يا سيدي، لقد صنعت عقارا يخفى.

ضحك الموظف حتى السعال:

- عقار يخفى! هل تظن أنه حدث جلي يستحق التسجيل؟!هل تظن أن هذا الجنون يصدق؟!لقد أضعت وقتي الثمين؛ طلبك مرفوض. 

حاول عز الدفاع عن اختراعه إلا أن الموظف لجَّم لسانه عندما عاود النظر للأوراق القابعة أمامه مرة أخرى، وأشار له بالانصراف بأطراف أصابعه.. 

استشاط عز غضباً من رد الموظف، لعنه وسبه آلاف المرات..

توجه لمقر عمله يسحب أذيال الخيبة خلفه ليقابله صديق له بالمكتب:

- أين كنت يا عز؟ المدير يبحث عنك ويتوعدك بسبب هذا التأخير؟ 

- سوف أذهب إليه حالاً.

تركه لمواجهة مصيره، وعاد لعمله.. 

دلف إلى مكتب المدير الذي قابله بنبرة يملأها الغضب: 

- أين كنت يا سيد عز؟ المداومة تبدأ السابعة صباحاً، والساعة الأن العاشرة، لن أقبل بهذا الاستهتار؛ آلاف الشباب يبحثون عن فرصة عمل كهذه، إن لم ترغب بها اترك المجال لغيرك. 

حاول عز  أن يدافع عن نفسه إلا أن المدير طرده من مكتبه بعدما خصم له شهرا من راتبه.. 

عاد منكس الرأس يسبُّ الظروف والمدير والموظف.. 

أنهى يومه بشق الأنفس، عاد لمنزله يحمل بداخله بغضا وكرها للجميع.. 

الكل يقلل من شأنه، حتى زوجته هجرته منذ عدة أشهر، وذهبت لبيت أهلها بعدما طلبت منه الطلاق.. 

استلقى على سريره يحمل بين يديه عقاره، ينظر له بعينين تملأها الحسرة.. 

هل سيموت حلمه؟ 

هل حقاً هو فاشل كما يتهمه الجميع؟ 

هل هو مهرج، مقصر كما يدعي رئيسه بالعمل؟ 

غفا وبداخله ثورة ونقم على الجميع..

في صباح اليوم التالي كان قد اتخذ قرارا، وبدأ في تنفيذه 

ذهب لمقر عمله، وقدم استقالته، لم يتعجب المدير من فعلته، وقام بالموافقة؛ فهو من وجهة نظره موظف كسول وعالم فاشل.. 

عرض منزله للبيع، وافق على طلب زوجته، وألقى عليها يمين الطلاق..

مزَّق كل الخيوط بينه وبين الوطن والجميع..

رجعت دائرة الحياة لنفس وتيرتها؛ فغيابه لم يكن ذا أهمية بالنسبة لرب عمله، أو لجيرانه، أو حتى لزوجته السابقة..

وصل ظرف يحمل بين طياته دعوة لحضور حفل في قاعة مشهورةبمنطقة متطرفة بالعاصمة..  

وصلت عدة دعوات للعديد من الشخصيات السيد معتز، السيدة منار، والعديد والعديد من الأسماء.. 

كان التوقيع باسم فاعل خير، لم يعلم أحد مِن هؤلاء الأفراد هوية مرسل الدعوة..

عمَّ الفضول قلوب الجميع؛ فبداخل كل دعوة لهؤلاء كانت توجد قطعة من العملة الذهبية، وخلف الدعوة وعد بمفاجأة وجائزة كبرى للفائز. 

في اليوم المحدد لإقامة الحفل توجه المدعوون لإرضاء فضولهم ومعرفة مَن هذا السخي الذي يهدي عملات ذهبية، وأيضاً سيقدم لهم جائزة كبرى.. 

بدأ الحفل على أكمل وجه، فتاة ممشوقة القوام، بشرتها بيضاء تستقبل الجميع بوجه مشرق، وابتسامة عذبه، مشروبات فاخرة، غناء يصدح بالمكان، أنوار أضاءت السماء، وحولت الليل إلى نهار..

كان الجميع مبهورين مما يعرض أمامهم..

استمر الحفل لساعتين متواصلتين، نال إعجاب وإشادة الجميع،حتى حانت اللحظة الحاسمة..   

وقفت الفتاة الجميلة تتوسط القاعة لتقدم للجميع صاحب الحفل والدعوة المميزة..

كانت العيون تدور بالمكان بحثاً عنه، خفتت أضواء القاعة كلها، وسُلط الضوء على الباب،توجه الجميع بأبصارهم نحو الباب لمعرفة هوية المضيف.. 

لحظات وعلت الهمهمات والشهقات 

- عز... كيف هذا؟!!!

قالها المدير بعيون تكاد تقفز من محجرها.. 

دلف عز للقاعة تعلو وجهه ابتسامة سمجه يقابل بها الجميع..

حرك يده بإشارة لأحدهم، فقام بإغلاق باب القاعة 

وقف بمنتصف القاعة والأضواء تتسلط عليه:

- اليوم سوف أخبركم عن سبب هذه الدعوة،جميعكم أتهتموني بالجنون والفشل، اليوم سوف أثبت لكم العكس. 

أقبل أحدهم وناوله محقنا حقن به وريدهليختفي بعد لحظات على مرأى ومسمع من الجميع.. الذهول سيد الموقف.. 

الدهشة تفترش الوجوه.. 

ضحك عز بصوت جهورٍ:

- هل صدقتم؟الآن سوف تنالون عقابكم.

اختفى صوته لتطلق سيدة صرخة مدوية عندما وجدت نافورة من الدماء تنفجر من عنق السيد معتز.. 

زاد الهرج والصراخ، حاولوا الفرار، لكن جميع الأبواب موصده من الخارج..

بعد فترة هدأ الصوت، وعمَّ السكون المكان.. 

بعدها حقن عز وريده بمادة أخرى حملها بجيب بدلته ليظهر وقد قتل الجميع: 

- اليوم نلتم جزاء سخريتكم من علمي ومن شأني، الوداع سوف أبدأ من جديد مع غيركم. 

        تمت بحمد الله

              

ليست هناك تعليقات