ads header

أخبار الموقع

إعتراض الماضي بقلم شفيقة


 

الفصل الثالث 

رفضت ليلى تشخيص الطبيبة لحالتها خرجت حزينه من مكتبها بدون إستأذان مسرعه وبطريقه  جعلت عامر يعتذر عن تصرفها... ركض وراءها في الرواق ينادها لكنها سارت دون ان تلتفت كأنها لم تسمعه او ربما لم تكن تسمعه فصوت الطبيبه وحده يرن في اذانها ”حاله نفسيه عاشتها السيده ليلى في الماضي“ كلمات ايقضت ما كان بداخلها ذكريات سعت لنسيانها وجدتها تلاحقها في حاضرها وتعترض تحقيق آمالها، لم تسمع ليلى عندما كان عامر يناديها حتى شعرت بيده تمسك معصمها وصوته يأمرها

”ليلى توقفي“ 

أوقفت تحركها ولم ترد عليه بقيت معقوده اللسان كأنها فقدت التحكم في أفكارها ... أرادت أن تبقى صامتة لا تريد الرجوع الى هذا الأمر ... أرادت ان تنسى وينسى عامر ما قالته الطبيبه يستحيل لها أن يكون ماضيها معترضا لحاضرها ... بدى عليها الهدوء لكن الغضب كان على حافه أعصابها ولم تنفجر إلا عندما قال عامر بلهجه تأنيب

”ماذا فعلتي ليلى“ 

إلتفتت إليه غاضبه لم يراها بهذا اللون من قبل نبرتها كانت مختلفه خرجت من هدوئها إلى صوت عالي يهز أركان العياده تجيبه 

”لماذا توبخني هكذا ماذا فعلت انا“ 

نظر حوله ليجد عيونا تراقبهما فصوت ليلى وهي تصرخ في وجه زوجها حيّر محيطهما بقي ماسك بمعصمها  يضغط بقوه من غيضه، أول مرة تصرخ في وجهه بهذه الحدّة تغير لون وجهه إختفت كل ملامح الهدوء والرغبه نحوها ولم يبقى سوى وجه رجل يشعر بطمس رجولته أمام صوت زوجته، صرخة منه هزت جسدها عرفت الخوف أمامه  لأول مرة ... خافت منه بعدما كانت تشعر بالأمان معه رجلها الوحيد الذي لم يكن يرعبها فقد فعل الآن وقد أصبح مثل غيره .. هكذا كانت تفكر ليلى في ثانيه أخذتها إلى ذلك العالم البعيد الذي ذكرتها به الدكتوره، إرتعشت يدها التي كان يسيطر عليها، من صياحه لها قائلا

”لماذا تصرخين هكذا !! هل جننتي ! توقفي الآن وإرجعي إلى عقلك“

سالت من جفنها دمعة يأس مما تسمعه من كلام قد إعتبرته جارحا لها أرادت أن تتخلص من قبضه يده لمعصمها ترد عليه بإنفعال ”مجنونه ؟؟ هذا ما أردت قوله أليس كذلك ! أتركني لا أريد أن أتكلم معك“ 

كانت قبضته أقوى على معصمها الذي بدأ يؤلمها، جرّها معه دون أن يرد على انفعالها ... لم تصل بينهما الحدّة الى هذا المدى من قبل، ربما كانت تغضب منه تناقشه فقط ، لكن تصرفها اليوم أغضبه ... وصلا إلى موقف السيارات حيت ترك سيارته وقبل ان يركبا للرجوع الى بيتهما وقف يوبخها مره أخرى 

”ماذا حدث لكِ؟ ما هذا السلوك الذي لا يليق بسيده في مكانتك“ 

أدارت وجهها عنه كأنها أدركت أن كلامه صحيح لكنها لا ترغب في الإعتراف مازالت غاضبه وإختارت إلتزام الصمت 

”إنظري إلي عندما أكون أكلمك وفسري لي ماذا فعلتي“ 

أخيرا نظرت إليه بإستياء تجيه

 ”سبق وسألتك أن تخبرني في ماذا أخطأت أنا!“ 

 مازالت ملامح الإساءه على وجهه، ردّ على  سؤالها الذي تركه معلقا من قبل  

”كيف تتصرفين بتلك الطريقه، كيف تخرجين بدون أي كلمه! لقد أحرجتيني أمام الدكتوره“ 

زاد غضبها نفضت بتهور على يده التي كانت تمسك معصمها أجابته  بصوتها العالي دفاعاً عن نفسها

 ”أحرجتك أمامها!! وماذا عن الكلام الذي قالته عني ! ألا أهمك مثلما يهمك مظهرك أمامها“ 

لم يفهم عامر ما تفكر فيه زوجته كانت دائما تريد ان يكون لها طفلا، فلماذا تتصرف كأنها لا تريد ان تعرف سبب عدم حملها،  أخفض صوته  ليجيبها

”لم تقل شيئا ضدكِ، كل ما قالته ان ربما ماضيك يمنع حملك“ 

نظرت إليه ليلى ومازال الغضب يغزو روحها الهادئه تحولت اليوم إلى بركان تقذف بحممها على عامر الذي بقي عاجزًا أمام هذا التصرف المفاجئ أجابته بصراخها الذي لم يسكن رغم أنه إختار التحاور بحكمة

 ”كيف تتكلم عن الماض وهي لا تعرف شيئاً عني، وما دخل ماضيَ بحالتي لم أسمع شيئ مثل هذا ... إنها طبيبه فاشله لا أريد مساعدتها“ تنهد عامر وهو يواجه مقاوتها كيف تقول ذلك الكلام وهي متعلمه وتعرف ان كلام الدكتوره صحيح بقي متمسك بهدوءه قبل أن يتدفق عنه غضبه، لا يستطيع ان يصرخ فيها مرة أخرى فقد لاحظه خوفها من حدّة صوته أغلق عينيه يستنشق كميه الصبر التي تبقت فيه ثم رد عليها بعدما فتح عينيه ونظر إليها 

”ليلى أنت تعرفين أن ما قالته صحيح ... وأنتِ لديك ماض لا تكلمين أحدا عنه، حتى والديكِ لم أتعرف عليهما إلى يومنا هذا“

 غضب آخر تعرضت إليه عندما ذكر والديها لكنها لم تفجره هذه المره نظرت به لزوجها كأنها تهدده أو تحذره ، لم ترد عليه فتحت باب السيارت وجلست بداخلها ...

كل ما حصل لليلى أن الدكتوره أيقضت فيها وجعاً كان مخزوناً ذلك الماض الذي عذبها سنينا كانت تريد نسيانه والعيش حياة هدوء مع زوجها ... ربما هي ليست غاضبه من الطبيبه بل من نفسها كيف تركت أحداث تأثر في نفسها وتمنعها من تحقيق حلم حياتها تؤنب نفسها لأنه ربما لم يكن في أحد الأيام حلم حياتها فكبتت تلك الرغبه التي أثرت عليها اليوم ... هذا هو غضب ليلى الآن لكنها اليوم ليست في حاله كي تعترف لنفسها بذلك ... تلقي بالأسباب على غيرها وترفض الواقع، والتزمت الهدوء داخل السيارة أدارت وجهها العابس عن عامر تركته حائرا في التعامل معها، ركب هو كذلك السياره وقبل أن يحركها سألها 

”هل ستظلين غاضبه طول الطريق!!“ 

بقيت متمسكه بنظرها الى خارج السياره تجيبه بصمتها فلا تريد أن تعود إلى ذلك الموضوع بقي ينظر اليها طويلا لكنه أدرك في الأخير أنها سوف لن تجيبه ولن تتحدث معه اليوم في أي شيئ ... أدار المحرك وسار متجه نحو البيت ... هدوء خيم داخل السياره ينظر إليها من فتره لأخرى يجدها لم تتحرك كأنها تحولت الى تمثال لا روح فيه، حاول إغوائها بنظراته وجلب إهتمامها إليه لكن إصرارها غلب عن أي محاوله منه، وبدأ يتخيل ما سينتظره منها، جفاف لن يتحمله ... وأخيرا أوقف السياره عند باب البيت الكبير فتحت باب السياره قبل أن يفتحه لها كما تعود كل يوم أسرعت بالخروج منها وركضت داخل المنزل دون أن تغلق بابها وعيون عامر تراقبها أغلق الباب ولحق بها الى الداخل ... ركضت ليلى في الرواق الكبير مارة بقاعه الإستقبال حيث كانت السيده نوريه جالسه تشفط قهوتها مرت من أمامها دون أن تسلم عليها أو ترد على سؤالها وهي مستغربه لحظورها في هذا الوقت لم تكن تنتظرها 

”ليلى إبنتي ... ماذا حدث وأين عامر؟“ 

سمعتها ولم تجبها أسرعت بالصعود الى غرفتها وإذا بعامر يدخل خلفها سألته أمه 

”ماذا يحدث ابني ... ما بها ليلى“

 كان نظره على زوجته وهي تتخذ ذلك السلوك  مره أخرى ظهر غضبه من جديد مسك يد أمه يجيبها

”لا أعرف أمي ولا أحب تصرفها هذا ... دعيها ربما ستهدأ فيما بعد، تعالي أريد أن أكلمك“ 

قلب السيده نوريه بدأ يخفق لم يعجبها هذا الوضع ولا حاله إبنها أمام حركه زوجته تخاف من خبرٍ سيئ سيلقيه عليها سكتت وتركته يقودها الى الأريكه 

********

بين الناس فرق كبير في المسافات ربما يعرفون بعضهم لكن لكل واحد حكايات يعيشها بين الحين والآخر ... رياض الذي كان دائما يتمنى إزاحه عامر عن طريقه، ربما تبدلت إتجاهاته وأصبح يطمح لأكبر من ذلك، إقتراح ميستر لطفي له أخافه في بدايه الأمر لكنه طمع في الأخير ان يدخل هذه الصفقه الغير شرعيه فهي ستوصله  الرقي الذي يطمح إليه 


”وقت قصيرٌ يا سمير ونكون في العالي .. إنتهت مشاكلنا وقريبا سنكون من أصحاب الإمبراطوريات“

 سمير الذي كان جالسا يتأمل ثقة رياض يتساءل مالذي تجدد في مجال تجارته ، نظر بإنبهار اليه يسأله بإهتمام 

”هل وجدت طريقه تقضي بها على امبراطوريه شاه؟“ إتكأ رياض على ظهر كرسيه غرس أصابعه لتشتبك في بعضها وأجابه مبتسما 

”الصفقه التي وقعت بين يدي ستدخلني إلى أكبر تجاره في العالم .. أنا لا أفكر في عامر الآن ... يجب ان تنساه انت كذلك لأننا سوف ندخل في مشروع يرفعنا للأعلى وأنت ستكون ذراعي الأيمن فيه“ 

فكر سمير قليلا في كلام رياض ما هذه التجاره التي ستنشله من عالم الفقر الى تاجر كبير كيف سيتحول من موظف بسيط في مكتب رياض إلى ذراعه الذي يساعده في أعماله وربما تاجر هو كذلك، الطموح يضع غشاوه امام اعين الانسان وهذه فرصه سمير كي ينتقم من عدو سنينه الماضيه ... وبعد أن ركّب أفكاره في مكانها قال يجيب رياض الغل والحقد يداهمان ملامحه

”أنا لا أريد أن أنسى عامر ... لقد أهانني طول حياتي ، عندما كان أبي يعمل لدى والده كان يتكبر ويحسسني أنه ابن المالك وانا ابن الخادم، طمحت في وفاء والدي لوالده وتمنيت أن يعينني مديرا لمكتبه لكنه قال أن مؤهلاتي لا تسمح وأعطاني منصب في المصنع كعامل فقط ... كيف أنسى كل ذلك“ 

ما كاد أن ينهي كلمته الأخيره حتى شعر بيد رياض أحطت على كتفه، لم يشعر به عنما غادر مكانه فقد كان غائبا عن وعيه وهو يعبر عن كرهه لعامر ... كان سمير يهذي فعامر لم يُهنه يوما ... كان ومازال يغار منه ويتساءل لماذا الحياه غير عادله   أعطت عامر ولم تعطيه هو فالشيطان الذي بداخله أمره من الانتقام منه .. رفع سمير رأسه ينظر الى رياض ويسمع كلامه 

”لاتستعجل سمير .. ستأخذ حقك منه حتماً عندما تصبح أغنى منه وتأخذ منه كل سوق الأقمشه بأموالك .. سوف يفلس ، أصبر“

 هزّ رأسه يتفق مع كلامه يفكر في كلام  رياض ويتساءل عن هذه التحاره التي ستغنيه بتلك السرعه سأله مستفسرا

”ما هو نوع هذه الصفقه التي ستحل مشاكلك ومشاكلي .. لقد شوقتني“ 

كان رياض عائدا إلى مكانه وراء مكتبه عندما سمع سؤال سمير جلس وقرب جسده منه كي يتكلم بصوت منخفض  

”عمل في أتم السريه لو سمع أحد به يكون مصيرنا إما السجن او القتل “ 

وسع سمير عينيه مخمنا نوعيه التجاره وبدون تردد سأله 

”هل تقصد تجاره الممنوعات؟ !! لكنني أعرف انك تبيع المخدرات وهذا ليس حديد عليك“ 

إحتفظ رياض بنفس النبره يجيبه 

”هل تعرف ميستر لطفي“ 

كمش سمير بين عينيه لعدم معرفته بذلك الإسم ردّ بثقه 

”لا ... ومن يكون“   

 رياض، إتكأعلى ظهر كرسيه ليجيبه براحه 

”أكبر تاجر لمواد البناء ... أغنى رجل في البلد ... طلب مني خزن بضاعته في مخازني وسيساعدني في الدخول في تجارته“

 بدأ يظهر على سمير عدم الفهم ربما هو مخطئ وليس مثلما كان يعتقد وسأل بوضوح 

”هل ستترك تجاره الملابس الجاهزه وتدخل في تجاره مواد البناء“ ضحك رياض على بساطه تفكير سمير فأجابه ليؤكد له 

”لا إنها تجاره أخرى .. تجاره الممنوعات كما تسميها وأنا سأخزنها له في مخزن الشركه ولهذا إخترتك لهذا العمل .. انت من ستستقبل هذه البضاعه“

 هزّ سمير رأسه يجيبه 

”فهمت سيد رياض ... كن مطمئن سأتولى هذه المهمه“

 وهكذا أصبح سمير مساعدا لرياض في كل شيئ ... بعدما عينه في شركته بقي سمير قريبا جدا من رياض يعرف كل خطواته ويمد له يد المساعده في كل شيء غير مشروع واليوم وقد اقبل على صفقه كبيره فهذه تعتبر فرصته كي يكبر ولن يصبح أبدا تحت عامر او ربما ذلك سيساعده في الانتقام منه


تبعت السيده نوريه ابنها وهو يجرها معه من يدها يأخذها إلى مكان مريح يريد أن يتحدث معها فهي كانت دائما ومازالت الصدر الحنون    الذي يلجأ اليه كلما تعب ....  حضن يدها داخل راحه يديه ليصرح لها 

”لا أعرف ماذا يحدث مع ليلى أمي، كأنها بدأت تعيش حالة نفسيه“ تنهدت أمه ربما أخيرا عرفت جواب تساؤلها نظرت اليه بحيره وبسؤال آخر 

”ماذا تقصد إبني!! ... كنتما عند الطبيب اليس كذلك!!! ماذا قال لكما!!“ 

سكت بعض الثواني كان رأسه مطأطآ يفكر في وقائع هذه الصبيحه بدأت الرؤيه تتضح أمامه فزوجته تصرفت بتلك الطريقه لأرنها ربما بدأت تعاني من خوف يأتيها من الماضي، رفع رأسه بعد ذلك الصمت وأجاب أمه قائلا 

”نعم أمي كنا عند الدكتوره ... كانت نتائج الفحوصات سلبيه لا أحد منا يعاني من شيئ لكن ......“

 سكت لا يستطيع قولها هل ستفهمها أمه !! أكيد نعم فهي إمرأه متعلمه  نظرت إلى حيرته التي زادت حيرتها سألته مجدداً 

”لكن ماذا إبني ... هل هناك مشكله أخرى لا أعرفها؟ أخفتني تكلم“ 

عانق بشده يدي أمه وأجابها 

”تقول الدكتوره ربما ليلى كبتت شيئ في الماضي يمنعها من الحمل“

 إبتسمت السيده نوريه لولدها مسحت بيدها الأخري على وجنته ترد عليه 

”طيب إبني أين هي المشكله ... تعرض ليلى نفسها على طبيب نفساني يحل لها هذه المشكله“ 

وهذا ما يحزن عامر تذكره لحاله زوجته وهي تسمع تلك الكلمات من الدكتوره دليل على أنها ترفض ولا تريد إسترجاع الماضي الاليم، إبتسم أمام كلام أمه وأجابها 

”أعرف أمي .. لكن المشكله أن ليلى ترفض هذا الكلام“

 هزت رأسها تشير لتفهمها بتصريحها 

”أعرف أنها تزوجت قبلك وعاشت عذابا معه .. ربما لا تريد أن تتذكر تلك الفتره ..“ 

تنهد عامر بعمق يحمل تصريحات أخرى لا تعرفها أمه

 ”ليس هذا فقط ... ربما لا تعرفين أن ليلى تزوجت مرتين من قبل والمره الأولى كانت طفله في الثالثه عشر من عمرها“

 رفعت السيده نوريه جفونها بحده من صدمه هذا الكلام فكرت لحظه في استحالته لكن ابنها لم يتعود على الكذب

 ”أيعقل هذا الكلام! من يزوج إبنته في هذه السن ! ما نوع الأباء والدها“

أيد عامر حيرة والدته وأخبرها باقي قصه حياة زوجته المؤلمه مما جعل دمعتها تسيل عند سماعها لتلك الجريمه التي إقترفها والد ليلى في إبنته 

”وماذا لو قلت لك أن زوجها كان في سن والدها تقريبا“

خفق قلب السيده نوريه لسماعها هذا الكلام لم تكن تتخيل أن شيئ كهذا يحدث في هذا العصر، تعاطفت مع وضع ليلى فنصحت إبنها 

”مسكين ليلى أكيد تعذبت .... أصبر عليها إبني دعها ربما ستهدأ ...أتركها اليوم ولا تضغط عليها“

قبل عامر جبين أمه هزّ رأسه مؤيداً كلامه بإبتسامة راضية


****عندما كان يجلس وراء مكتبه منهمكا في عمله وتفكيره كله كان عند زوجته .. فقد تركها حزينه منطويه على نفسها يعجز عن معرفه في ماذا تفكر ..... وبينما هو على هذا الحال دخلت السكرتيره تخبره 

”سيدي هناك شخص يريد مقابلتك“ 

رفع رأسه اليها يسألها  بإندفاع غير مفهوم 

”من هو وماذا يريد“ بتوتر أجابته ”لا أعرف يقول انه أمر شخصي“ وفجأة تذكر نادر فقط طلب منه أن يأتي اليه في الصباح وكاد ينسى وسط مشاكله أجابها بعدما ظن أنه متأكد 

”حسنا دعيه يدخل“ 

لكنه لم يكن نادراً رجل في الستينيات تبدو عليه البساطه فهو ليس تاجر او عميل جديد، ربما جاء يبحث عن عمل فماذا سيقترح عليه في هذا السن ، لكن عامر لا يردّ من طرق بابه رحب به قائلا

 ”تفضل بالجلوس، كيف أستطيع خدمتك“ 

إبتسم ذلك الرجل أمام طيبه عامر يجيبه ”أنا محمود“ نظر إليه بإستغراب لم يتعرف عليه عامر فهم محمود دهشته فأراد إزاحتها بقوله خائف من ردة فعل عامر 

”محمود ..... محمود قاسم والد ليلى “ تجمد نظره عليه لم يكن ينتظر ذلك، لم يعرفه من قبل فقط سمع عنه حتى إسمه لم يُذكر أمامه قبل اليوم لأن ليلى كانت تحتفظ بإسم والديها الحقيقيين .. لم يرد عليه عامر فورا كان يفكر في ليلى وحالتها اليوم فهذا الرجل يعتبر جزء من حياتها الماضيه التي أصبحت ترفضها اليوم ... تعجب محمود من نظرات عامر وحسبها رفضا منه له قام من مكانه يعتذر 

”آسف إذا كنت قد أزعجتك ...“ 

كان على وشك المغادره بينما عامر شارداً في صدمته لم يكن يتوقع حظوره اليه يوما ، أوقف صوته محمود قائلا ً له 

”عمي محمود !! والد ليلى !!  “ 

إلتفت محمود .. رأى عامر قد بدأ يقترب منه يجر معه كلماته 

”أهلا ... أهلا بك عمي في مكتبي .. تفضل“

 قاده إلى الأريكه الموجوره على الطرف الثاني من مكتبه الواسع وقبل أن يواصل كلامه معه وضع عامل الشركه أمامهما فنجانين قهوه وكوبين عصيرا طلبهما عامر 

”آسف عمي لكنني لم أتعرف عليك ... أكرر إعتذاري“

 بإبتسامة حزينه أجابه محمود 

”يبدو أن ليلى لا تريد أن تُعرفك عني ... حتى صورنا أمها وأنا لم تحتفظ بها“ 

تأسف عامر أمام هذا التعبير الحزين، لا يعرف بماذا يُجيبه فهو محق في كلامه وقد إعترف بذلك لنفسه، أحنى رأسه كأنه نادم على شيئ لم يقترفه، رفعه بعد ذلك ليجيبه دفاعا عن تصرفات زوجته  

”ليلى لا تتكلم كثيرا عن الماضي .... كذلك أنا لم أسألها كثيرا، ربما غلطتي أنا كذلك“ إبتسم محمود لأن عامر يحاول أن يغطي على أخطاء زوجته أسعده الأمر من جهة أن إبنته مع رجل يحبها ويحميها، لكنه يعرف الحقيقه أخذ كوب العصير يبلل به حلقه ليسأله بعدها 

”كم سنه مرت  على زواجك من ليلى .. كم سنه وأنت تعرفها“

 فهم عامر هذا السؤال كفضول لكنه أصبح تفسيرٌ أعجزه عن مواصلة دفاعه 

”ليلى قطعت علاقتها مع امها وأنا منذ إثنى عشره سنه ... لم تكن أنت معها العشر سنوات الماضيه كي تسألها ... ليلى فارقتنا قبل ان تعرفك بسنوات طويله“ 

تنهد عامر بتأسف فهو يعرف هذه الحقيقه 

”أعرف عمي وأنا آسف لذلك ... لكن لماذا لم تتصلا بها“ 

ضحك محمود بخفه على نفسه لأنه تذكر أنه كان سبب إختفاء إبنته الوحيده 

”بعدما توفي زوجها .. ليلى باعت البيت وإختفت ... بحثنا عنها لكن في ذلك الوقت لم نستطع العثور عليها إلا بعدما أصبح إسمها معروف في السوق ... ذهبت أمها إليها كان قد مرّ على إختفائها ثلاث سنوات لكنها كان كلامها واضح مع أمها ... طلبت منها أن لا نتصل بها وأنها قطهت علاقتها معنا“ 

بقي عامر ينظر اليه بتعجب وجد في كلامه قساوة زوجته فقد عرفها هكذا من قبل أخرج نفسا عميقا من صدره وأجابه دون ان يحاول تبرير فعلتها 

”لا أعرف ماذا أقول لك عمي ... لقد أخطأت في حقكما“ 

أوقفه محمود وهو يومئ قائلا بعدما سالت الدموع من عينيه فقد شقه الندم

”لا إبني ليلى لم تخطئ ... نحن أخطأنا في حقها أنانيتي جعلت منها إنسانه محطمه ولهذا أصبحت تتصرف هكذا ... ليلى تعذبت معنا، خاصة معي رميتها لرجلين أكبر منها بسبب المال ... والان هي تعاقبنا ببعدها عنا“

 عجز عامر أمام هذا الوضع هل يؤيد محمود كأنه يعاقبه هو كذلك ! أو يعذره وهو يعرف انه أخطأ في حق فتاه صغيره لم تكن تطلب إلا حبا وعنايه من طرف من إعتبرتهما أهلها، ترك محمود يمسح دموعه حتى جففها وهدأ فأجابه صريحا 

”ما فعلته بها في الماضي كان جريمه ... لكن رغم ذلك تبقى والدها ولا يحق لها التصرف معك هكذا ... ربما مع الوقت تكون قد نسيت“ عادت إبتسامه الأمل على شفتي محمود وأجابه بلهفه 

”لهذا السبب جئتك اليوم ... ترددت سنتين عندما سمعت أنها تزوجت مجددا خفت أن ترفضني كما رفضت أمها... لكنني سمعت الكثير عنك وعن شخصيتك تشجعت وقلت لزوجتي أنك الوحيد الي سيعيدها الينا... أنت أملنا الوحيد الآن“

 تنهد مرة أخرى عندما بدأ يتذكر كيف ترك ليلى اليوم وهي ترفض الحديث عن الماضى ربما مجيئ محمود سيوقض  فيها مشاعر أليمه ولكنه بعد تفكير سريع أدرك أن مجيئ محمود ربما سيخرجها من قوقعتها التي حجزت نفسها فيها ... كانت ثانيه واحده فكر فيها ثم أجابه 

”لا أعرف ماذا أقول لك عمي ... لا أعرف إذا كانت ستوافق مقابلتك، منذ أن عرفتها عرفت ماضيها كذلك، وخلال هاتين السنتين لم نسترجعه ... لم نتحدث عنه ولا عنكما ... لكنني سعيد بمجيئك اليوم ، أظن أنك جئت في وقتك“ 

أظهر محمود خوفه على إبنته نظر اليه بتلك النبره يسأله بهلع 

”هل ليلى بخير ... هل تعاني من شيئ!!“ 

انحنى عامر نحوه قليلا ليربت على كتفه يهدؤه 

”لا تقلق عمي ليلى بخير ... فقط أظن انه جاء الوقت كي تسترجع علاقتها مع أهلها فهي ليس لدها أحد غيري أنا وأمي“ 

عادت الراحه لقلب محمود أعدل جلسته وأخبره بالسبب الذي جعله يظهر اليوم 

”في الواقع مجيئي اليوم له سبب ... أمها مريضه ربما لن تعيش أكثر وأملها الوحيد قبل أن تفارق الحياة أن ترى ليلى ولو مره واحده .. تريد أن تطلب عفوها“ حزن عامر لذلك ، أخبرته نفسه انه أمام مهمه صعبه سيواجه بها زوجته ، وعد محمود وأخبره أنه سيقنع ليلى كي تزور أمها


كان الوقت متأخراً عندما عاد عامر الى بيته .. خلال النهار كان يتصل بأمه ليسأل عن ليلى وكانت أمه في كل مره ترد عليه وتخبره أنها لم تغادر غرفتها، فهم أنها مازالت في حاله رفض ... دخل من باب البيت ليجد أمه في إنتظاره إقترب منها ليقبل جبينها ويسألها بعدها 

”لم تغادر الغرفه طول النهار !!!“ نظرت إليه أمه بتعب، إرهاق شديد  يظهر على وجهها... تجيبه بصعوبه 

”لا لم تغادر ... تركتها ولم أود إزعاجها ... المهم أنت هنا الآن معها عن اذنك أريد أن أذهب للنوم“ خطت خطوتين لكن دوخه أوقفتها كان عامر ينظر اليها عندما رآها تميل تكان أن تسقط أسرع اليها وهو يصرخ بهلع ”أمي“ أسندها يمسكها بذراعيه ، شحوبا ظهر مفاجآ على وجهها سألها ليطمئن عليها ”أمي هل أنتِ بخير“ وقفت لتعتدل مازالت تشعر بتعب لكنها لا تريد اخافته 

”لا تقلق حبيبي أنا بخير أظن أنني أرهقت نفسي قليلا اليوم“ رفض عامر أن يتركها حتى يطمئن عليها رافقها إلى غرفتها مددها على السرير مسك يدها وهاتفه في يده الأخرى يسألها بحزن وقد خانته دمعه تسربت لتوقض فيه شعورا جديدا ... ”سأتصل بالدكتور حالا ... يجب أن أطمئن على صحتك“ وضعت يدها التي كانت تمسك هاتفه أوقفته تجيبه 

”لا داعي ابني .. انه مجرد ارهاق غدا صباحا أكون بخير“ 

 لم يعاند وسمع لكلام أمه  قلق عليها لكنه تمنى ان يجدها في الصباح بصحه جيده ، مسح على وجنتها ثم قبلها وقال لها قبل ان يغادر ويتركها 

”حسنا أمي إرتاحي ... لكن أوعديني لو شعرت بشيئ في منتصف الليل أن توقضيني“ 

أغلق باب الغرفة وبقي وراءه يستوعب ما عاشه هذه اللحظه، وذلك الشعور الذي لم يكن يعرفه من قبل، خوفه على أمه أن يفقدها ... كانت له ثقة أن أمه بصحه جيده ولن يحدث لها مكروه .. زياره محمود غير فيه شيئا وشعورا مختلفا عن الذي عرفه من قبل، بقي واقف يتذكر كلام محمود وهو يخبره أن والدة ليلى ستموت .. ماذا سيكون شعور زوجته عندما تكتشف ذلك .. هل ستشعر مثلما شعر هو الأن وخوفه على فقدان أمه!! يجب أن يكون معها يجب أن يساندها في محنتها ... مسح دمعته وهو يفتح باب غرفته ........

كانت مستلقيه على سريرها نائمه ! لا يدري .. ربما لا، لكنها هادئه ربما يستطيع إخبارها بزياره والدها ... إقترب منها ينظر  الى هدوئها وتردد عن إخبارها تذكر كيف كانت حالتها هذا الصباح وهي ترفض الحديث عن الماضي .. ومحمود جزء من ماضيها الذي لم تذكره أبداً هذه السنين ..هل ستقبله اليوم، تخلص من ملابس النهار ليبدله بلباس الليل ...ألقى بجسده على السرير دنى منها وبقي يحدق فيها أغرته بلباس النوم الشفاف عليها ... هدوؤها أغواه وأراد أن ينقض عليها ويعيش لحظات مع هذا الجسد الرهيب وتلك الروح الهادئه، لكنه قبل ذلك يجب أن يخبرها ... بدأت يده تتجول على بشرتها الناعمه وشفتيه تتلذذ كتفها حتى أحست به يداعبها فتحت عينيها لتشعر به وراءها لكنها مازالت غاضبة أبعدت يده عنها دون أن تكلمه 

”هل مازلتي غاضبه مني“ سألها يحاول مداعبتها مره أخرى يواصل قبلاته على ذراعها الى كتفها كررت  ابعاده عنها لم ييأس أعاد محاولته يطلب منها 

”ليلى إلتفتي أريد أن أكلمك“ لبت طلبه إلتفتت بكامل جسدها لكنها بقيت صامته لا تنظر اليه وتحدق في سقف الغرفه ، ظهرت إبتسامته على شفتيه بقي ينظر اليها يداعب شعرها كي تكلمه لكنها اختارت ان لا تقول شيئ، لاطف وجنتها وأدار وجهها اليه ليسألها 

”آسف لأنني صرخت هذا الصباح .. أوعدك لن أفعلها مره أخرى“ أبعدت نظرها تخفي دموعها أجابته بحزن 

”أرجوك عامر لا أريد الرجوع الى هذا الموضوع“ 

رفع خصلات شعرها ليرتبها وراء أذنها أحاطها بذراعه يمسك ذراعها، وبنبرته الغراميه أجابها بدعابة 

”أي موضوع تقصدين !! الحمل أو الماضي“ نظرت بتردد لتجيبه بعدها 

”عامر أريد أن أكون أماً لطفلك ... أعرف أن ما قالته الدكتوره صحيح، لكنني لا أريد أن أسترجع شيئا دفنته ... أرجوك لا تغضب مني أنت تريد أن تكون أباً وأنا لا أستطيع منحك ذلك“ 

يعرف عامر أن ليلى لا تريد أن تتذكر هذا الماضي الأليم ... ربما ذلك يؤلمها فهو لا يريدها حزينه وضع أصبعه على شفتيها لا يريدها أن تكمل كلامها أجابها بحب 

”لا أريد شيئ في هذه الدنيا غيرك ...أسف أنني كنت قاسي معك  ولننسى ما حدث هذا الصباح“

 جذبها الى صدره يعانقها وقرر أن يخبرها بزياره محمود له لا يتوقع أن هذا الموضوع ممنوع كذلك ... يُعتبر ماض مؤلم تريد ان تنساه ... لن يتخيل أنها سترفض التحدث عنه، أراد أن يُسعِدها بالعثور على والديها ولم يكن يتخيل رده  فعلها التي ستكون قاسيه أيضا 

”أريد أن أخبرك شيئا“ 

حركت رأسها على صدره تنظر إليه ليخبرها نظر إليها هو كذلك وأكمل كلامه 

”لقد حظر شخص إلى مكتبي اليوم يسألني عنك“ ظهرت الدهشة على بريق عينيها سألته تستفسر 

”شخص يسأل عني أنا!! من يكون“ وبكل ثقه ردّ عليها ”محمود والدك“ قفزت من مكانها تغادر حضن زوجها لتجد نفسها جالسه تجيبه بغضب

”من !!! ولماذا جاء اليك !! ماذا يريد“ جلس هو كذلك مسرعا يرى وقت الهدوء قد زال وخالفته عاصفه أخرى  أجابها بهدوء 

”ماذا حدث لك ليلى ... إنه والدك ويريد أن يراك“

 أدارت وجهها عنه قائلة ”ليس لدي أب ... والديا ماتو“ 

بدأ مزاج كلاهما يتغير من الهدوء الى عاصفه قادمه أجابها قبل أن يفقد أعصابه 

”لماذا تقولين ذلك ليلى .. إنه والدك الذي رباك ... أخبرني أن أمك مريضه وتريد ان تراك قبل أن تموت“ 

عادت الى حالة هذا الصباح فقدت التحكم على أعصابها وصرخت تجيبه 

”ليس لدي أم لا أريد أن أراها... فلتمتْ لا تهمني“ 

غضب عامر مما يسمعه منها تذكر أمه عنما كادت تسقط وخاف أن يفقدها، رجع اليه شعور ذلك الخوف وتعجب كيف ليلى لم تشعر بنفس الشيئ لأمها لم يعجبه تصرفها إنقض على ذراعيها قائلا محتجاً 

”كيف تقولين ذلك عن أمك ألا تشعرين بخوفٍ عليها .. سوف تموت وتتركك“ 

بنفس الصياح أجابته ”لا ... لا أشعر بخوف عليها ...لا يهمني لو ذهبت ... ليست أمي“ 

لم يتحمل أكثر من ذلك رد عليها غير حارص على كلماته 

”أليس لديك إحساس!... كيف تكونين قاسيه على أمك هكذا ... ربما لهذا السبب لم تحملي، كيف ستنجبين وأنت  ليس لديك إحساس الامومه“ ............ ربما جرحها بكلامه ولم يشعر بذلك ... أدرك عندما رأى الدموع تندفع من جفونها عادت اليه رنة صوته وهو يقول لها ( لهذا السبب لم تحملي) ندم عليه وأراد أن يعتذر أراد لمسها لكنها أبعدته عنها 

”إبتعد لا تلمسني“  إقترب أكثر وحاول لمسها مره أخرى 

”آسف حبيبتي لم أكن أقصد“ لكنها أبعدت نفسها عنه تكرر ”قلت لك لا تلمسني“ 

لم يشأ تركها فقد جرحها ... مهما كانت ردت فعلها عن والديها فلم يكن ضروري أن يجرحها بكلماته إقترب منها مرة أخرى يمسك ذراعيها كي يحتفظ بها جنبه يحاول إصلاح ما كسره يطلب منها أن تغفر له 

”سامحيني ليلى لم أكن أقصد ما قلته “ 

لم تثيرها لمساته فهي شديده الغضب أزعجتها حراره تنفسه وهو قريب من عينيها يريد أن يمسح دموعها بشفتيه،  شعرت برفض لا تريده قريب منها إبتعدت هاربه منه تقف وسط الغرفه صامته لكنها رأته يلحقها رفعت يدها حاجز بينهما تحذره 

”لا تقترب مني أحذرك ... ليست لدي أحاسيس أمومه أليس كذلك!! وربما ليست لدي أحاسيس أخرى“ 

ربما أصبح الوضع صعبا عليه فقد قال كلمات وندم عليها أراد أن يفسر سبب تهوره قائلا 

”قلت لك لم أقصد ذلك ... قبل قليل خفت أن أفقد أمي وجدتها عندما دخلت شاحبة وكادت أن تسقط ... وعندما رأيتك غير مهتمة بأمك غضبت“ 

إلتفتت إليه بخوف لسماعها أن السيده نوريه مريضه تقدمت نحو الباب مفزوعه تسأله 

”ما بها أمي ماذا حدث لها ! كيف حصل ذلك ! هل أحظرت لها الطبيب“ 

أوقفها وهو يمسكها من ذراعها قربها منه لتجد إبتسامه على شفتيه راضي على تصرفها سعيد بخوفها على والدته ... يمحو خوفها بكلامه 

”إنتظري إنها نائمه هي بخير الآن “ نظرت بحزن اليه هدأت من غضبها الذي نسيته من خوفها على السيده نوريه إختفت دموع الجرح وخالفتها دموع الخشيه 

”أخبرني الحقيقه عامر ما بها أمي .. هل أنت تخفي عني شيئ!“ .....ردّ على حيرتها قائلا 

”إنها بخير الآن وغدا صباحا سآخذها عند الدكتور ... كنت أود أن أرى حيرتك هذه على أمك كذلك“ أظاف بأسف، إبتعدت عنه بخطوات تربط ذراعيها تجيبه بقله صبر 

”قلت لك أمي ماتت ... ولا أعرف أماً أخرى غير أمي نوريه، فأرجوك لا تفتح مره أخرى هذا الموضوع“ 

لكن عامر مصراً على كلامه بدى قاسيا عليها لا يريدها أن تفقد شعور حبها لأمها رد عليها بصرامه 

”لا .. نوريه أمي أنا، وأنت أمك مريضه وتريد أن تراك ولن أترك هذا الموضوع حتى تعودي لرشدك“ 

نظرت اليه ببرود لا تهتم لكلامه أخذت قرارها ولن ترجع عنه، لا تريد ليلى أن تذكر الماضي ولا تريد العوده اليه ... محمود وزوجته يمثلان ماضيها المر الذي محته، كانت تحسب أنها بَنَت أسره جديده لكنها الآن يحاول ذلك الماضي يتخلل إلى حاضرها ويسرق منها ما أنشأته من جديد ... وعامر الذي لا يريد أن يفهم شعورها، لا تريد أماً أخرى فقد وجدت ما تريده في والدته ... بعدما يئست من إلحاح زوجها أخذت قرارها وعرّفته به 

”حسنا إذاً .. لم يعد لي مكان هنا“ بدأت تجمع بعض أغراضها وهو ينظر اليها ينتظر فهم ما تفعله توجهت نحو الباب تخبره 

”لن أبقى معك هنا إذاً حتى تعود إلى رشدك أنت كذلك“ 

خاف أن تبتعد عنه مسكها من معصمها قبل أن تغادر سألها بإرتباك ”ماذا ستفعلين ليلى ... هل ستتركي البيت“ 

نظرت إليه بإصرار تعبت من الصراخ فأجابته بهدوء ”لا أريد أن أبقى معك في نفس الغرفه، سأذهب إلى الغرفه المجاوره لأمي .. لا لن أغادر البيت ليس من أجلك لكنني لن أتركها وهي مريضه“ 

قربها منه يحاول إرضاءها بصعوبه، رغم أنها ترفض أمها ولا تكترث لمرضها ... لكنها في نفس الوقت تخاف على أمه ولا تريد أن تبتعد عنها وضع يده على وجنتها بحب يهاب إبتعادها عنه طلب منها بهدوء ”لا تذهبي أرجوك إبقي معي“ 

أبعدت يده عنها بعنف لم تعد ترغب في الحديث معه لقد أخذت كفايتها من الجرح اليوم بدون ان تنظر الى عينيه كانت كلماتها عذابا له 

”سأذهب ... ولا أريدك أن تكلمني في مواضيع اليوم، في الواقع لا أريدك أن تكلمني إطلاقا ... لم نعد على خط واحد في التفكير فأرجو أن تبتعد عني“  

حتى لو أراد أن يعتذر ألف مرة فهي لن تسامحه، ادرك عامر ذلك لقد أخذت مقدارا كافيا من الغضب اليوم تعرضت الى شيئ لا تريد الرجوع اليه وهو الماضي، رغم أنه يعرف ذلك لكنه حاول إقناعها مرة أخرى  

”ربما لسنا على تفكير واحد لكنك مخطأه فيما يخص أمك ... لن أقبل تصرفاً مثل هذا منك“ إحمر وجهها غضبا منه وقبل أن تخرج أجابته بإندفاعٍ 

”معك حق وربما لهذا السبب لن أبقى معك في هذه الغرفه“ ولم يجد بدٌ من الحديث معها أوقفها بعدما إقترب من الباب ليجيبها بغضب آخر ”إنتظري ... إبقى في غرفتك أنا من سيخرج منها وأذهب للقرب من أمي ...…………………

ليست هناك تعليقات