ads header

أخبار الموقع

الفصل ٣



                        بقلم نورسين محمد 


انه صباح يوم الجمعة استيقظ محمود علي صوت طرق الباب

محمود: لحظه واحده

 مين علي الباب؟

فاطمه: انا بطه يا عمو، اشتريت لكم الفطار 


محمود بابتسامه هادئة ارتسمت علي وجهه البشوش بعد ان فتح لها الباب قائلاً: صباح الخير يا بطه ادخلي دودو لسه نايمه روحي شوفيها

فاطمه وقد علت شفتيها ابتسامه فرح: ماشي يا عمو، هروح. 

استيقظت آمال ورأت فاطمة تداعب هدير فقالت: صباح الخير يا وش الخير، عامله إيه يا بطة. 

- صباح الخير يا ابله آمال، الله دي حلوه اوي، انا هلعب معاها.

- ماشي حبيبتي العبي معاها 

__________

سريعـًا مرت الايام وبطه ترافق آمال لتساعدها في ترتيب المنزل وتهتم بهدير ودائماً تحملها وتجلس لتضعها فوق قدميها تهدهدها وتداعبها حتي تذهب في ثُبات عميق ثم تطلب الاذن في الانصراف لكي تساعد والدتها.

______

توالت الأيام  إلي أن تمت هدير عامها الاول واحتفل الجميع في بيت محمود، لتمر الايام سريعاً ويأتي العام الجديد معلناً بدايته التي ينتظرها الجميع ليحضروا حفل عيد ميلاد هدير الثاني وما ان تمت عامها الثاني بعدة ايام، انه صباح يوم جديد، آمال في المطهي تقوم بإعداد الافطار لمحمود وما ان انتهت لتقول:

- محمود الفطار جاهز والساعة سابعه.

- حاضر جاي اهوه.

- اقعد افطر هروح اشوف هدير صحيت ولا لأ، محمود هدير سخنه جدا ومش عارفه مالها.

- طيب اديها دوا خافض للحرارة وتابعيها ولو متحسنتش ننزل نكشف عليها ونطمن.

- حاضر.

تركته آمال ودلفت لغرفت هدير لتطمئن عليها وفجأة ارتفع صوتها تنادي: الحقني يا محمود هدير حرارتها اربعين

- طيب بسرعة البسي ولبسيها وننزل بيها المستشفى علشان مفيش دكاتره دلوقت. 

__________

اسرعت آمال وبدلت ملابسها وملابس هدير ونزلوا مستقلين سيارتهم متجهين للمشفى 

وعند وصولهم تم إجراء الكشف علي هدير وتبين انها تعاني من ميكروب شديد مع نزلة معويه حاده ويستوجب ان تُحجز في المستشفى لكي يتابعوا الحالة حيث انها تحتاج إلي محاليل لتعويض جسدها ما فقدته 

محمود: انتى خليكي مع البنت وانا هنزل اخلص إجراءات الدخول و هرجع البيت اجيب غيارات ليكي وليها وهما هيتابعوا الحالة وهرجعلك علي طول

آمال بصوت مختنق هادئ يملؤه الحزن والدموع قائله: ماشي بس متتأخرش عليا يا محمود. 

__________

حجزت آمال مع ابنتها لمدة يومين لم تغفل عينيها لحظه واحدة ومحمود كان يقضي معها اوقات الزيارة المسموح بها وينصرف عند انتهائها وللأسف البنت لم تستجب للعلاج نهائي، وفي صباح اليوم الثالث قبل موعد الزيارة دخل الطبيب المتابع لحالة هدير ليتحدث مع آمال بأسف قائلاً: للأسف يا مدام احنا عملنا اللي قدرنا عليه والبنت من وقت ما دخلت المستشفى مش بتستجيب للعلاج نهائي والمعدة داينا بترفض العلاج وبتلفظه بطريقه او بأخري وطبعاً حضرتك شايفه بنفسك.

بكت آمال متسائلة: وحضرتك شايف أي، نتنقل بيها مستشفى تانية احسن من هنا؟

الطبيب: انا شايف ان اي مستشفى تانية مش هتعمل حاجه زياده عن اللي عملناه، الاحسن انك ترجعي بيها بيتك لان مفيش لها علاج وطأطأ رأسه واردف يقول بصوت منخفض ربنا ينجيها أو يعوضك عنها خير. 

صُدمت آمال بعد كلام الطبيب لها واضطرت لمغادرة المستشفى دون ان تنتظر حتي يأتي محمود ويصحبها لكنها عادت بطفلتها إلى بيت اسرتها حتي يكون الجميع بجوارها اذا حدث لها أي مكروه، وبعد وصولها قامت بالاتصال به وابلغته ما قاله لها الطبيب وقالت له وهي تبكي الدكتور قالي استعوضي ربنا فيها.

محمود بخوف وفزع قائلاً: انتى بتقولي أيه!!

 ان شاء الله ربنا هيخيب ظنه وهتبقى كويسه، انا هجيلك دلوقت.

آمال وهي تنتحب بشدة: لأ يا محمود انا عند ماما مقدرتش استني في المستشفى تاني ومقدرتش ارجع البيت، هدير مش كويسه، هدير تعبانه اوي وهتمشي خلاص وهتسيبني، انا خايفه عليها اوي، مفيش اي علاج بيفضل في معدتها نهائي اي حاجه بتآخدها بترجعها علي طول، ادعيلها بقي أنا مش عارفه ممكن يجرالي إيه لو راحت مني.

بكي محمود لبكاء آمال وفي محاولة لتهدئتها قائلا: اهدي يا آمال، اهدي ان شاء الله انا متعشم في وجه الله خير انه هينجيها. 

- يااااارب، يااارب، طيب انا هروح اشوفها علشان صحيت وبتعيط سلام دلوقت.

 

اغلقت الهاتف ووضعت السماعة لتدخل عليها والدتها قائله:

- يا بنتي اهدي شويه وان شاء الله هتبقى كويسه، تعالي طنط والدة عمر عاوزه تشوفك وتسلم عليكي من زمان مشفتكيش ولا اطمنت عليكي.

- حاضر يا ماما، روحي انتى، هغير لهدير وهآجي وراكي علي طول. 

_________

خرجت والدتها وقامت آمال تُبدل ملابس هدير وبعد أن اطمأنت انها نامت قامت تُبدل ملابسها وخرجت لمقابلة جارتهم. 

( والدة عمر هي جارت والدة آمال منذ ان تزوجت بعدها بعامين وهي صديقه مقربه جداً للأسرة ودائماً كانوا يتشاركون معاً في تربيه الابناء).

والدة عمر: آمال حبيبتي ازيك، مالك انتى معيطه ولا أيه؟ 

آمال وهي تبكي: ازيك يا طنط، هدير تعبانه اوي والدكتور قالي انها مش بتستجيب للعلاج و قالي استعوضي ربنا فيها وللأسف مفيش تحسن.

- لا حول ولا قوة الإ بالله، بعد الشر عليها ان شاء الله هتبقى كويسه، انتى بس ادعي ربنا وان شاء الله خير، ده باين عليه غبي ومش بيفهم حاجه في دكتور يقول كده، روحي يا بنتي ارتاحي جنب بنتك وانا هنزل علشان عمر.

______

جلس محمود وحيدًا في بيته مهموم لا حول له ولا قوه ممسكاً بكتاب الله يتلو آياته وتنهمر الدموع من عينيه حتي كادت الحروف والكلمات تتلاشي من أمامه، ينتظر بين لحظه واخري أن يدق رنين الهاتف لتخبره آمال بأنهم قد فقدوا الطفلة 

عادت والدة عمر لشقتها ودلف عمر عليها الغرفة ليجدها مهمومه وحزينة، تملكه الخوف عليها

( عمر والده متوفي من فتره كبيره وهو يرعي والدته، طالب في السنه النهائية في كليه الطب وهو علي درجة كبيرة من التدين إلي جانب انه من الطلبة المتفوقين في الدراسة ودائماً من الاوائل علي دفعته طوال السنوات الدراسية الماضية ولم يبق له سوي بضعة شهور علي التخرج وبعد ثلاث سنوات من تخرجه توفيت والدته أثر ازمة قلبيه حادة وبعدها بعامين تزوج زميلته وانجب علا وعلاء ثم هاجر إلي النمسا وللأسف انقطعت اخباره منذ هذه اللحظة)


نعود لأحداثنا 

عمر بقلق: ماما مالك في ايه شكلك مش كويس، انتى تعبانه، في حاجه وجعاكي؟ 

- لأ يا حبيبي متقلقش انا كويسه الحمد لله.

 - طيب الحمد لله .. 

تنفس الصعداء بعدما سمع صوتها ولكنه يكرر سؤاله: في أيه بقى مالك؟ 

حكت له والدته عما حدث مع آمال وابنتها ليقول:

- طيب ابعتي لآمال وخليها تجيب البنت وتنزل 

- طيب هو في حاجه؟

- آه، قوليلها بس هاتي معاكي دودو وانزلي، قوليلها اني عاوز اشوفها 

- حاضر هروح ابلغها حالا.

اسرعت وفتحت الباب لتنادي بصوت مرتفع: آمال، يا آمال 

خرجت لتجيبها: نعم يا طنط 

- هاتي هدير وتعالي، عمر عاوز يشوفها. 

- حاضر يا طنط هجيبها وانزلك علي طول .....

________

دلفت آمال تحمل ابنتها ونزلت بها يعتصر قلبها الخوف والقلق عليها ليقوم عمر ويقوم بفحص هدير جيداً وبعد أن انتهي قال بهدوء:

- شوفي انا طبعاً مش هضحك عليكي واقولك كلام غير اللي الدكتور قاله، بس احنا بين ايادي الرحمن وهنعمل اللي هنقدر عليه معاها وربنا معانا ولو مروا الثمانية واربعين ساعه اللي جايين علي خير ان شاء الله هتبقى كويسه 

- بس يا عمر انت شايف انها مش بتستجيب للعلاج ودخلت في مرحلة جفاف، هو ممكن يكون في أمل انها تبقى كويسه

- ان شاء الله طول ما ربنا موجود الامل هيفضل موجود، خليكي واثقة في رب العالمين وقولي يارب، يالا اطلعي بسرعة هاتي كل الادوية بتاعتها وتعالي 

- ياااارب، حاضر دقيقة وهرجعلك تاني.

__________

تركته مسرعة لتحضر حقيبة الدواء وعادت لشقة عمر ليقول لها بعض التعليمات:

- شوفي احنا هنديها الدواء علي مراحل علشان المعدة تستجيب واحده واحده وان شاء الله خير .....

- تمام ماشي فهمت كلامك، يارب خير.

جلس عمر علي طرف الفراش وحمل هدير بين ذراعيه وبدأ في إعطائها محلول الجفاف بالملعقة كل ساعتين ملعقة واحده فقط طوال الأربعة وعشرين ساعه الاولي وظل يحملها بين يديه ورفض وضعها علي الفراش حتي يظل يتابع حالتها عن قرب وبعدما مرت المرحلة الاولي بسلام  تقلصت المدة لساعه ثم نصف ساعه واستمر في متابعة الحالة لمدة يومين كاملين لم يغمض له جفن وترك الكلية والمحاضرات حتي يتابع ما توصل إليه معها.

 وبانتهاء الثمانية واربعين ساعة بالفعل بدأت بشائر الامل تدب من جديد حيث استجابت اخيراً هدير للعلاج وبدأت تستفيق علي يديه، تعلق قلب عمر بها تعلقًا شديدًا حيث كتب الله لها ان تُشفي وتستعيد عافيتها من جديد علي يديه


صدح صوت الهاتف في بيت محمود الذي تردد في البداية أن يجيب علي المتصل ولكنه قررت في النهاية ان يجيبه بعدما دعا رب العالمين أن يكون الخبر خيرًا لا شر، خطى خطوات متباطئة لا تحمله قدميه والدموع تنهمر من عينيه واخيراً وصل للهاتف و استجمع قوته ليرفع السماعة واذا بآمال وصوتها يرقص فرحاً قائله: محمود هدير كويسه، وفاقت يا محمود الحمد لله. 

تنفس محمود الصعداء قائلا: اللهم لك الحمد والشكر يااارب، طيب انا جاي، جاي حالاً اطمن عليكم 

 -ماشي انا هستناك

 __________

بسرعة وصل محمود لمنزل والدة آمال لتستقبله بفرحة وابتسامة علت وجهها ليتحدث متسائلاً:

- أيه اللي حصل يا آمال في اليومين اللي فاتوا؟

حكت له آمال عما حدث وما فعله الطبيب عمر مع هدير 

- طيب انا هنزل اشكر دكتور عمر بنفسي لحد اما تلمي حاجاتك علشان نرجع البيت، كفاية كده بقي البيت بقي وحش أوي من غيركم وأنا لوحدي مش عارف اعيش.

- حاضر

 _________

تركها محمود وتوجَّه لعمر ليدق جرس الباب، فتحت له والدة عمر مرحبة به ليقول: ازيك يا حاجه، هو دكتور عمر موجود؟

- آه يا ابني موجود، تعالي اتفضل 

- معلش اعذريني انا عندي شغل بس اوعدك مره تانية ان شاء الله، انا هسلم علي عمر بسرعه وانزل 

والدة عمر تنادي: يا عمر تعالي ده محمود عاوز يسلم عليك 

- حاضر يا ماما 

خرج عمر من غرفته متوجهًا للباب، اقترب ليرحب به 

قائلاً: 

- اهلاً وسهلاً استاذ محمود، تعالي اتفضل 

- شكراً يا دكتور، انا جيت بس اسلم عليك واشكرك علي المجهود اللي عملته مع هدير وربنا يوفقك ف حياتك بإذن الله.

 -هدير دي بنتي وليا طلب واحد عندك، اذا ممكن 

- طلب واحد بس انت تطلب الدنيا كلها وانا مش هتأخر عليك، والله الدنيا كلها متغلاش عليك ابداً، كفاية انك كنت سايب كليه ومذاكرتك علشان هدير.

- الله يكرمك يارب، بس متأخرش عليا دودو انا لازم كل كام يوم اطمن عليها ربنا يعلم انا حبتها واتعلقت بيها ازاي

- بس كده، هو ده الطلب، حاضر ان شاء الله مش هنأخرها عليك وكل كام يوم هتيجي مع والدتها تسلم عليك، أستأذن انا علشان أتأخرت. 

#يتبع

                       ************


ليست هناك تعليقات