صاحب السعاده بقلم: علاء شديد

soma30989@gmail.com
By -
0



صرخات في جميع طرقات المبنى، احدهم يعدو مسرعًا لإخلاء الطريق من المارة، دقائق تمر، ولا يمر من تم إخلاء الطريق خصيصًا له، لم يعرف احد من هذا الكبير الذي لم يمر، الجميع امتدت اعناقهم تطلعًا لرؤيته،وطال امتداد الاعناق، دون أي نتيجة..!

دوي سيارات الاسعاف يتردد في أرجاء المكان، اضطرابات تسيطر على الطرقات، صوت احدهم يصرخ في آخر: بسرعة..بسرعة، الوقت ينفد، أنه فى مرحلة الخطر.

تتصاعد مع صراخ الشخص دوي سيارات الاسعاف، ثم يبتعد الدوي شيئًا فشيئًا، تعود الحركة في الطرقات إلى سابق عهدها.!

لا احد يعلم لماذا كان الإخلاء ولماذا عادت الحركة كما كانت، هل حدث للكبير المنتظر مكروه، هل حاول احد التطاول عليه أو تم استهدافه في عمل إرهابي مقيت، أو اطلاق عددًا من الاعيرة النارية تجاهه،  ولكن احدًا لم يسمع صوت طلقات الرصاص أو ضوضاء !!.

علامات استفهام كثيرة سيطرت على أجواء المكان والعقول معًا، دون ان يتحصل أيا منهم على اجابة، أو تفسير.

مر شخص.. قال: الباقية في حياتكم.. من يرغب في العزاء عليه التوجه إلى منزل صاحب المعالي، فقال آخر ومن الذي مات.. لم يرد عليه، أكتفى بالنظر إليه وملامحه ترتسم عليها علامات الاستنكار، كأنما ينعت من خلالها السائل بالغباء والجهل.

ولعل هذا النعت قد تسلل إلى الاشخاص الآخرين المحيطين به، فلم يقم أيًا منهم بتكرار السؤال رغم انهم لم يدركوا من الذي مات، خوفَا من أن يتم نعتهم هم الآخرين مثلما حدث لهذا السائل.

دقائق ومر شخص آخر..من سيرسل برقية عزاء.؟!. فرد شخص: لمن؟. ارتسمت علامات الحنق والضيق، وقال: كأنك من كوكب آخر، أو أن ما حدث تم في المريخ.. ثم ألتفت إلى الآخرين، من سيرسل البرقية، فتجمعوا حوله متدافعين للوفاء بثمن إرسال البرقية، وهم يرددون الباقية في حياتك، لاحول ولا قوة إلا بالله..

وعندما وجد تصاعد وتراكم الأموال بين يدية وقائمة مرسلي البرقية تطول، نظر مرة أخرى إلى السائل: إنني لا اتصور أن يكون هناك احد مثلك في هذا الزمان، كأنك تعيش في غيبوبة لا تعي ما يدور حولك، ألا تتعرض لوسائل الاعلام يوميًا أو تتطلع للتعرف على ما يدور حولنا، ألا تشاهد المسؤولين وجهودهم المضنية لتوفير متطلباتنا اليومية حتى نعيش في رغدٍ متواصل، هل جزاء هؤلاء ألا نشد على أيديهم وقت الشدائد، أنه وقت رد الجميل.. وهل هناك وقت لرد الجميل إلا في مساندتهم في مصيبة الموت.

يا أخي لا استطيع النظر إليك، ألم تتسمع إلى ما جرى في الخارج، لم تسمع صرخات سيارات الاسعاف وهي تحاول إنقاذ سعادته..

وتبرع شخص آخر كأنما أرد التأكيد على الحديث موجهًا حديثه إلى السائل، لهذه الدرجة لا تعلم شيئًا، انني لا أصدق ما أرى، الأمر ظاهر أمامك، لقد مات سعادته، ولابد من مسانده المسؤولين واظهار تمسكنا بهم، وتقديرنا لجهودهم.

وتبرع شخص ثالث وهو يبرم فمه ويطلق الشرر من عينيه: يا من لا تعلم، لماذا لا تسعى لتعلم، هل الأمر بالغ الصعوبة، ثم أليس لديك شيئا من الفطنة والذكاء، ثم هل المشكلة في ثمن البرقية أدفع وشارك حبك للفقيد وتقديرك له.

وتبرع رابع وخامس وسادس، جميعهم برعوا في إلقاء الاتهامات على السائل الجاهل، الذي وقف أمامهم فاغرًا فاه، كأنه حارس مرمى في مباراة لكرة القدم لم يعد يقوي على الصد أو الرد وترك مرماه بلا أدنى حماية، مما جعل اللاعبون يمارس كل منهم هوايته في تسجيل هدف واحد وثان وثالث.

بينما استغرق جامع ثمن البرقيات في ابتسامة تشف وهو يراه كالذبيحة التي اصبحت بين يدي الجزار لا سبيل أمامها سوى الاستسلام لقطع رقبتها..

دقائق وراء دقائق تمر، ثم قال جامع ثمن البرقية: ما نص العزاء المفضل لكم؟ .. نظر الجميع إلى الشخص في حيرة من أمرهم..

إلى أن قال احدهم.. مثلك تمامًا لا يمكن أن تتوصل قريحتنا إلى كتابة نص يفوق رؤيتك وتمكنك اللغوي وقدرتك على الابداع.

رد الشخص قائلا: نعم هكذا إذن، هل سمعت أيها السائل الذبيح... ثم ضحك وهو يدون في الأوراق..

نص البرقية والجميع يراقبة باهتمام " لقد شعرنا بالمرارة والآلم الشديد، بل وكأننا فقدنا احد ابنائنا عندما دهست السيارة المجرمة صاحب السعادة "كلب" معاليكم، تعازينا الحارة ....!!


إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)