التعويذة الأخيرة

soma30989@gmail.com
By -
0


 

قصة قصيرة... بقلم مصطفي حسن محمد سليم 

عندما يسيطر علي عقلك دافع الوهم والخرافة، وتترك جميع المساحات التي تحمل نبض العقل بداخلك، ليحتل مكانها فراغات من الخوف، ستعرف وقتها أنك قد تواجه مصير مختلف عن الآخرين، نهايته قد تقودك إلي طريقان، أما طريق الجنون، أو طريق مظلم قد يقودك نحو المجهول .... 

هل تبحث عن هذه؟! أقترب حسام من مصدر الصوت وهو يغطي بيديه عينيه من شدة الضوء المنبعث من مصدر الصوت، وشعر بيد بشرية تمتد أمامه تمسك سلسلة كبيرة عليها نقوش غريبة، وعندما أمسك حسام بطرف السلسلة وجذبها بقوة، أنقض صاحب ذلك الصوت عليه، وقام باغراس أسنانه بقوة داخل رقبته، حاول حسام أن يقاوم ذلك الشيء المجهول بشدة بدون فائدة ترجي منه، شعر حسام بعدها بعدة آلام شديدة تجتاح جسده كله في قوة، وألم شديد في عنقه في نفس المكان الذي هاجمه فيها هذا الشيء من قبل وهو يستيقظ في فزع، ليجد ضوء النهار يملأ غرفته وأشعة الشمس مسلطة علي وجهه في قوة، وضع حسام يديه علي عينيه من شدة الضوء ثم أخذ نفس عميق وهو يقفز من فوق فراشه في قوة ويجتاز باب غرفته إلي الحمام ليقوم بغسل وجهه وحلاقة ذقنه، وعندما مرر ماكينة الحلاقة علي وجهه شعر بألم شديد في نفس الجزء من وجهه والذي هاجمه فيها هذا الشيء من قبل، ومرر أصابعه علي هذا الجزء ووجد بالفعل أثر لجرح سطحي علي رقبته، وأنتفض جسده كله في فزع عندما وجد ذلك الجرح واضح أمامه في المرآة، إذا ماكان يشاهده أثناء النوم تخطي حاجز الحلم بالفعل، مما جعل عقله يسقط في هوة عميقة من التفكير، في محاولة منه لإيجاد سبب مقنع لما يحدث له..... 

شعر حسام بالتوتر الشديد وهو يسترخي في مقعده الوثير وهو يجلس في عيادة ذلك الطبيب النفسي مؤمن سليمان وهو يشاهده يشعل سيجارته ثم ينفث دخانها في هدوء وهو يميل بوجهه نحوه فجأة ويسأله في هدوء هل تكرر ذلك الحلم معك كثيراً من قبل يا أستاذ حسام؟ أرتسمت صورة تلك السلسلة والتي تحمل النقوش الغريبة الموضوعة عليها في عقل حسام بسرعة وهو يجيب علي سؤال الدكتور مؤمن قائلا له نعم لأن هذه السلسلة تخص جدي، وقد فقدت منه في ظروف غامضة في منزله، أبتسم الدكتور مؤمن وهو يشعر أنه قد وصل إلي طرف خيط خفي قد يكون سبب في تفسير مايحدث لي حسام وهو يقول له وهل كان لك دخل في ضياع تلك السلسلة من جدك ؟ أنتفض حالة الشعور الداخلي بداخل عقل حسام وهو يتذكر حالة الغضب التي كان عليها جده عندما ضاعت منه تلك السلسلة، كان عمر حسام في ذلك الوقت عشر سنوات بالتحديد، وكان إدراكه في ذلك الوقت جعله يشارك جده تلك اللحظات التي يمر بها وهو يحاول تخفيف وقع ذلك الأمر عليه وهو يسأله عن فائدة تلك السلسلة، ولاينسي أبدًا نظرة جده وهو ينظر إليه داخل عينيه في قوة وهو يقول له صدقني ياولدي ربما يبدو الأمر لك خرافة لايدركها عقلك الصغير هذا،  ولكني أعلم أنك ستتذكر هذه الكلمات في يوماً ما، أن ضياع هذه السلسة للأبد سيكون سبب في نهاية مؤسفة لاندثار آخر فرد في عائلتنا، لقد صنعت هذه السلسلة من ساحر في دولة المغرب، وقد وضعت بداخلها تعويذة لحماية عائلتنا علي مدار الأزمنة من لعنة أصابتنا في وقت بعيد من فتح بوابة الشيطان، عندما قام أحد أفراد أسرتنا بتحضير جن من العالم السفلي في محاولة منه لاختراق ذلك العالم، وتسخير ذلك الجن للقيام بأعمال شبطانية لإيذاء شخص ما، ثم قيامه بي إستحواذه علي كنز مدفون في ذلك المنزل الذي نقطن فيه الآن، ولكنه لم يفلح في ذلك علي الأطلاق، لقد كان كل ماحدث له بعد ذلك لعنة حلت علي عائلتنا علي مدار الأزمنة الماضية، وكان سبب رئيسي في فناء العديد منهم بدون سبب واضح، إلي أن قابل أبي ذلك الساحر المغربي الذي صنع له تلك التعويذة، التي تغلق لنا باب ذلك الجحيم للأبد، وضياع تلك السلسلة سيكون بداية جديدة لفتح بوابة  الجحيم من جديد، وبعد أن قص عليه جده ذلك الحديث بعدة أيام، وجد جثة جده في بدروم المنزل وعلي وجهه أقصي أنواع الرعب وكأنه شاهد هذا الجحيم الذي حذره منه رؤيا العين، أنتفض جسد حسام في فزع عندما هز الدكتور مؤمن جسده وهو يقول له أين ذهبت يا أستاذ حسام، حدق حسام في وجه الدكتور مؤمن في سرعة وهو يتذكر كلمات جده التي تنصحه بالبحث عن تلك السلسلة في بدروم المنزل، ثم وقف حسام فجأة وهو يندفع نحو باب الغرفة وهو يردد قول واحد فقط يجب أن أبحث عنها حتي أوقف تلك اللعنة، وصوت الدكتور مؤمن يتلاشي خلفه في الفراغ كلما أبتعد عنه.....

شعر حسام برهبة شديدة وهو يفتح باب منزل جده بصعوبة شديدة، والأتربة تنهال عليه من كل مكان من الباب الذي لم يفتح منذ أكثر من عشرين سنة، وهو يتقدم علي ضوء كشاف هاتفه ليبحث عن مصدر للضوء، قبل أن يجده ويسري النور في المكان كله ليبدد ذلك الظلام الكثيف المحيط به، والذي لم يفلح ضوء هاتفه المحدود في تبديده، وشعر حسام بالخوف يزداد بداخله وهو يتقدم نحو بدروم المنزل، الذي لم تطأ قدمه منذ وفاة جده في ذلك اليوم المشئوم، وزادت نبضات قلبه وهو ينزل درجات السلم، ثم تسمر في مكانه عندما وجد أفعي ضخمة تقف أمامه علي آخر درجة للسلم، وقتها توقف عقله عن التفكير، حتي أنه سمع صوت دقات قلبه تسري في المكان كله، وتسائل بداخل نفسه سؤال لم يجد له إجابة مقنعة له بداخله عند سؤاله ما الدافع الذي دفعه للتواجد في ذلك المكان وبمفرده في ذلك الوقت المتأخر من الليل للبحث عن شيء مفقود منذ أكثر من 25 عام، وأرتطمت يديه في خشبة عريضة موضوعة علي جانب السلم، وأمسك بها في قوة وهو ينهال بها علي رأس تلك الأفعي في قوة وفي ضربة واحدة، وشعر حسام بالدماء بدأت تسري مرة أخري بداخل خلاياه في مسارها الطبيعي بعد أن هربت من جسده من شدة الخوف، وهو يري الأفعي تلفظ أنفاسها الأخيرة أمامه قبل أن يستكمل نزوله، وهو يبعدها عن طريقه بطرف الخشبة من أمامه في قوة، وهو يجذب ذلك الخيط الرفيع من أسفل مصباح سقف الحجرة ليغمر المكان نور شبه شحيح يضئ المكان بالكاد ليبدد ذلك الظلام من حوله، أندفع حسام نحو دولاب قديم شبه متهالك وهو يفتحه في بطء، لتتهاوي أحدي دلفتيه بين يديه وهو يسلط كشاف هاتفه بداخل ذلك الدولاب في سرعة، وهو يلمح طرف ذلك الخيط الذي يشاهده في أحلامه دائماً، جذبه حسام في قوة، لتخرج منه تلك السلسلة محملة بالأتربة، تنفس حسام الصعداء وهو يمسك السلسلة بين يديه وهو يصعد درجات السلم في سرعة، وشعر أن الأرض تميد به من تحت قدميه في قوة، وأتربة كثيرة تنهال عليه من سقف المكان، وأدرك حسام أن المنزل ينهار عليه، وفي ثواني أستعاد حسام تفكيره وهو يتمسك بحاجز السلم الخشبي وهو يندفع خارج البدروم، وفي وثبات سريعة وجد حسام نفسه خارج المنزل، الذي أنهار كله بمجرد خروجه منه، وتحسس حسام السلسلة في قوة وشعر بالراحة وهو يجدها مازالت تقبع بداخل معطفه...

مر وقت كبير وحسام يتأمل في هذه السلسلة داخل منزله، كان يبدو عليها القدم، وأنها من معدن غريب لايعرفه حتي الآن، وكانت النقوش الموضوعة عليها قد كتبت بلغة غريبة حاول أن يفسر أي حرف منها ولكنه لم يفلح في ذلك، وشعر حسام بالإرهاق والتعب الشديد يسري في جميع خلاياه وهو يأوي إلي فراشه في هذه الليلة، لقد تعرض للموت في سبيل الحصول علي هذه السلسلة، مع أنه لايؤمن بتلك الخرافات التي حدثه عنها جده من قبل، وأن هذه السلسلة قد تكون دافع قوي في درء أي خطر قد يواجهه في المستقبل، ولكن كل مايتعرض له في أحلامه يدفعه لتصديق ذلك، وفي أثناء تفكيره بدأت جفونه تتثاقل في سرعة شديدة، وشعر برغبة كبيرة في النعاس وهو يضع هذه السلسلة حول رقبته، ليجد هذه السلسلة قد تحولت إلي ثعبان صغير بدأ يلتف حول رقبته، حاول حسام نزع هذه السلسلة بكل قوة من حول رقبته، ليجد صورة باهتة لجده تقترب منه لتساعده في ذلك، وشعر حسام أن شيء ثقيل بدأ يجثم علي صدره يمنعه من التحرك، حاول مقاومة ذلك الشيء لينهض من مكانه بلا فائدة، وقد أرتفعت درجة حرارة الغرفة بشكل لم يستطيع أن يتحمله جسده، وفجأة أغمي عليه بعد أن قطع جده هذه السلسلة من حول رقبته، أستيقظ حسام وهو يشعر بدوار شديد يحتل عقله ورغبة شديدة في النوم أخذ يقاومها وهو يبحث عن السلسلة حول رقبته ولكنه لم يجدها لقد أختفت، فقفز من فوق فراشه مثل المجنون وهو يبحث عنها في جميع أرجاء الغرفة ولكن بلا فائدة، وسقط بجسده علي أقرب مقعد له وملامح الخوف تبدو علي وجهه في محاولة منه لتفسير ماحدث له، ولكن عقله لم يستوعب ماحدث له بعد أن فقد الشيء الوحيد الذي قد ينجيه من هذه اللعنة للأبد.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)