ads header

أخبار الموقع

إعتراض الماضي بقلم شفيقة


 

الفصل_الثاني 

إكتضاص في القاعه الضيقه للمستشفى العام الذي يقوم بمعاينه المرضى مجانا، أجلس نادر أمه التي لم تقوى على الوقوف،  تركها على أحد الكراسي وبقي يتفحص هذا المكان الذي لم يكن يتمنى القدوم اليه ... كانت رغبته أن يأخذها إلى طبيبهم المعالج الذي تعود أخدها اليه كلما مرضت ،لكنه لم يعد قادرا على ذلك .. لا يملك نقودا للكشف فلجأ الى هذا المكان الذي يغزوه المرض من كل نوع، تغمره الضوضاء من أنين المرضى يزيد السقيم من علته .... بقيا ينتظران ساعه كامله والسيده فاطمه تتألم من وجعها غير مرتاحه في جلستها لكن لا حيله لها يجب ان تنتظر دورها وربما ستقضي ساعات هناك قبل ان يأتي وقت دخولها الى قاعه الكشف، جلس نادر أمام قدميها حزين يطلب منها ان تسامحه لانه عاجز أن يريحها من آلامها 

”آسف أمي ... أنا عاجز على حمايتك مما تعانين .. كنت أتمنى لو أخذتك الى طبيب مختص بمرضك“ مسحت السيده فاطمه على وجنه إبنها تجيبه بحنان وهي تسعل بين كلماتها ”لا تقل ذلك ابني، المهم انك معي هنا .. فما ابتليتَ به سنتحمله كلنا معك حتى يفرجها الله علينا ... لا تيأس فأنت لا تعرف من أين يأتيك الخير، ربما الفرج قريبا“ قالت كلماتها التي رطبت على قلبه أعطته قوة التمني ان يجد خلال اليوم قبل أن يهبط عليه الليل .... إلى أن يحدث ذلك وبعدما دام إنتظارهما ثلاث ساعات جاء دورها، كشف عليها الطبيب بدقه  ثم قال لنادر وهو يكتب وصفه الدواء ”يجب أن تشتري لها هذا الدواء اليوم، صحتها في تدهور“ شكر نادر الطبيب وأخذ أمه كي يعود بها الى البيت وفي الطريق قالت له 

”لا عليك إبني، أعرف أنه ليس لديك المال لشراء الدواء ... لقد رآني الطبيب وهذا يكفي، لو كانت حالتي خطيره لقرر إدخالي المستشفى“ كلام أمه يؤلمه فهي دائما تتنازل عن حقها إبتسم لها بحزن وأجابها ”يجب أن تأخذي دواءك كي تتحسني .. لا تقلقي أمي لدي صديق قال أنه سيقرضني“ لكنها ليست الحقيقه، أين الأصدقاء وقت الشده تخلو جميعهم عنه بعدما أصبح عاطل عن العمل ... سوف لن يذهب لطلب إعانه من صديق وإنما طلب معروف من الغرباء، قرر نادر التسول فرصته الأخيره ، وبينما هو يعيش هذا المأزق الذي لم يعرف مخرجا منه ... أناس أخرون يعيشون حياه الرفاهيه لا يشعرون بمعاناه الناس البسيطه مثل نادر 

~في نفس ذلك الصباح فتح عامر باب غرفته ليتفاجأ بليلى واقفه تنظر داخل خزانتها، تختار من بين ثيابها... على جسدها ملابسها الداخليه فقط، بلونها الأحمر أيقضت رغبته ودفعت لذته رغم أنه قضى ليله عشق معها، دنى منها دون أن تسمع خطواته منهمكه في الفرز بين أغراضها، شعرت بيدين ناعمتين تتسلل إلى خصرها جذبتها لتصطدم بجسد عريض، وشفتين أحطت على رقبتها تسمع تنفسه وهو يتذوق دفأها، إلتفتت إليه مع إبتسامتها المغريه وضعت يديها على كتفيه تسأله بدعابة ”عامر .. ألا تيأس؟“ منحها إبتسامة، قبل كتفها الذي لا تغطيه سوى حمالة وأجابها بسؤال ”من ماذا“ أحاطت رقبته بذراعيها ومنحته إجابتها ”من هذا .. ليله أمس منحتك كل شيئ ألم يكفيك“  نظر في عينيها يتذكر تلك الليله التي عاشها معها ليست مختلفة عن غيرها لكنه يعشق كل ليله يقضيها مع حبيبته كأنها أول مرة، لا يتوقف حب عامر لليلى ولا يرى حياة بدونها ”كيف أيأس من روحي .. أنتِ الهواء الذي أتنفسه .. لو يئست من الهواء لتوقفت عن إستنشاقه، وإذا توقفت عن إستنشاقه سوف أهلك ..... هل تردينني أن أموت“ ظربته بجديه على كتفه خوفا عليه من كلماته أجابته بغضب ”لا تقل ذلك عامر، أخاف منها حتى لو بالمزح، لا أريد سماعها ... لو حصل لك شيئ أموت معك .. لا أستطيع أن أعيش بدونك، بعدما علمتني معنى الحب ... أحبك عامر“ كانت نظراتها على شفتيه التي كانت تبتسم لكل كلمه تقولها، جذبها مره أخرى إليه كأنه ترك فراغا بينهما يريد ملأه بشعور كل بشرتها تدفئ جسده، خطف تلك الشفاه التي كانت تعترف بحبها وقبّلها بنعومه شغفه يريد تلذذ كل ما عليهما ... ”ليلى ! أنتي زوجتي وحبيبتي وكل شيئ في عالمي لا أشعر أنني ينقصني شيئ وانتِ في حياتي“ إبتعدت عنه تلتقط فستانا من خزانتها تجيبه لا تريد مواجهة نظراته ”أنا كذلك لا ينقصني شيئ لكنني أريد أن أملأها أكثر“ جذبها من ذراعها لتنظر اليه فهم قصدها أجابها بإطمئنان ”أعرف ولهذا أخذت موعدا مع الطبيب اليوم، إرتدي فستانك سأنتظرك في السياره“ سعيده بقراره عانقته بقوه محتفظه بأمل أن يتحقق حلمها 

~ في شركة لإستراد موارد البناء جلست ياسمين صاحبه أجود محلات الملابس الجاهزه للسيدات .... أمام لطفي في مكتبه الفخم ، لا توجد شراكه بينهما في العمل وإنما تجمعهما علاقه جنسية منذ سنوات عديده ، لطفي لا يعشق ياسمين إنها تعتبر مجرد سلوة يشبع بها رغباته الرجوليه، فهو لا يستطيع أن يبقى بدون علاقه من هذا النوع ، تزوج لطفي ثلاثه مرات لكنه لم يفلح في إبقاء زوجة إلى جانبه ولذلك إتفق مع ياسمين أن لا يتزوجا  ... صرح لها أنه لا يعشقها لكنه يحب  معاشرتها فهي تمنحه المتعه لأنه يذوب عندما يكون بين أحضانها .... لم تعارض ياسمين فكرته فهي مدينه له .. لقد نشلها من بين العاهرات حيثما كانت تعمل منذ نعومه شبابها مضطره بعدما فقدت والديها، كانت عاهرته المفضله لكنه أخرجها من ذلك الوسط وساعدها في فتح محل للملابس الجاهزه  ... إحتفظ بها لنفسه وجعل منها إمرأة مهمه في الوسط التجاري، ياسمين تعلم بعمله الغير شرعي ليست شريكته فيه لكنها تستمتع طالما يجعلها ذالك تعيش في الطبقه الثريه، لا تحاول غشه أو مراوغته فقط ما يهمها في علاقتها معه هي تلك المبالغ الماليه التي يمتعها بها ... ياسمين كذلك لا تعشق لطفي، تعودت عليه رجلها الذي تحتمي به أمام العالم الجائر ،تساعدها علاقتها به أن تغطي على حياتها القديمه ... تشعر وهي معه أنها إمرأه محترمه نقية من أوساخ الماضي ... يلتقيا أحيانا في الملاهي هوايتهما المفضله وينتهي بهما النهار في بيتها، يأخذ ما يريده رجل مثله من إمرأة من نوعها ويتركها بعد ذلك ليعود الى قصره الذي يدعه بعيد عن كل الشبهات أمام الناس وأمام  الشرطة خاصه ...  راضيه على ذلك وتعيش حياتها بهذا الشكل طالما تعيش في رفهيه 

حظرت الى مكتبه اليوم كما تفعل معظم الأحيان تبادله الحديثه تطمئن على تجارته المعروفه وخاصه الغير معروفه ، كانت جالسه بطريقه مغريه تعرف كيف تتصرف معه كي تأخذ ما تريده منه  

”هل وجدت مخزنا للبضاعه القادمه غدا؟ إنها كميه كبيره وتحتاج لتخزينها الى أن يهدأ الجو، الشرطه تراقب معظم الأماكن التي تشتبه بها“ 

بعدما زفر دخان سيجاره المعتاد ،أراحه مره أخرى بين أصابعه وهو يحدق فيها بدون الردِّ على سؤالها ... إستنشق دخانا ثم زفره ثانيةً وهو مازال يحدق فيها بإهتمام   ... تعرفه ياسمين فهو لا يتكلم كثيرا عن مايفعله حتى لأقرب الناس إليه   لكنها تجرأت اليوم لسؤاله، فكميه البضاعه هائله ربما ستستفيد معه .. ظهر الغضب عليه ليجيبها

”منذ متى أعطيك تفاصيل تحركاتي، ياسمين لا دخل لك بهذا الأمر“   وقفت من مكانها لتتوجه اليه بإغواء، وضعت ذراعيها تعانقه من الخلف تمسح بيديها على صدره لتوقض رغبته وهي ترد عليه 

”ألست إمرأتك !! أهتم بعملك وأخاف عليه“ أثارت نشوته إنه يذوب أمام لمساتها المغريه لكنه تذكر أنه في المكتب ..مسك معصميها ليبعدها عنه يذكرها ”ياسمين نحن في المكتب، ماذا دهاك“ عادت للجلوس في مكانها منزعجه أو تفتعل الإنزعاج وهي تعتذر ”آسفه نسيت نفسي“ مسك يديها كي لا تغضب منه يرضيها بكلماته 

”لا تغضبي ياسمين، أنت تعرفين أن لا أحد يعلم بعلاقتنا إحتفاظا على إسمك وإسمي في السوق .... حسنا سأخبرك على العموم انتي شريكتي الغير مباشره وتعرفين كل شيئ عني .... نعم وجدت مخزنا ، رياض تاجر معروف بمصانعه لصناعه الملابس لكنه صغير جدا في تجاره ”البودره“ ولا أحد سيشتبه به“ إبتسمت ياسمين أمام ذكاء لطفي  وإستعماله بكل دهاء  لأشخاص آخرين في تجارته الممنوعه، عشرون سنه وهو مسيطر على  سوق المخدرات ولم يستطعاع إلقاء القبض عليه، تشتبه به الشرطه لكنه لم يترك شيئا ضده نظرت اليه ياسمين بإعجاب تسأله ”وهل وافق رياض، هل عرف من تكون؟“ عاد إلى سجاره الذي يظهره شخصا متكبرا مستهترا بغيره لا تهمه إلا إمبراطوريته ونفسه كإنسان ، زفر دخانه يجيبها ”الطماع لا يسأل ولا يشك، ورياض هذا شخص طماع وانتهازي ... يهمه فقط جمع المال بأي طريقه كانت“ خرج من وراء مكتبه وقف أمامها يمسك يدها كي تقف وهو يواصل كلامه ”إذا كنتي قد إنتهيتي من أسئلتك عودي إلى أشغالك وإلا سأبدأ أفكر أنك مثل رياض هذا“  إبتسمت له بإغواء تجيبه ”لست مثله ... لا أطمع في أموالك،  أطمع فيك أنت .... هل تأتي الليله الى البيت !! أنا مشتاقه“ جذب خصرها إليه نسي تحذيره لها أنهما في المكتب قبل شفتيها بوحشيه كما تعود ثم أجابها بإثاره بربريه ”سوف آتي جهزي كل ما يستلزم للسمر“


~جاب نادر طرقات المدينه وفي يده وصفه الطبيب لدواء أمه ... يقف تارة أمام الشركات يسأل عن عمل وأحيانا أخرى يوقف الناس يتسول لعلهم يحنو عليه ببعض الدراهم يجمعها لشراء ذلك الدواء، يتذكر كلام الطبيب عندما قال له بعدما وضع أمامه وصفه العلاج ”أمك ضعيفه جدا .. لماذا أهملت صحتها هكذا.... يجب عليك أن تغذيها جيد وتعطيها دواءها بإنتظام وإلا ستضعف أكثر وفي سنها سوف لن تتحمل المرض“ سالت دموعه وهو يمد يده للناس، أول مرة في حياته يجد نفسه في هذا الموقف .... أحس بذلك النهار كأنه أطول يوم في حياته وهو يشعر بإذلال خاصه عندما يدفعه بعض المارين وهم يحسبونه شحاد، أو عندما أنبه الطبيب بإهمال أمه، ضاقت نفسه من كل ذلك لكنه تحمل من أجلها يجب عليه أن يجد عملا أو نقودا كي يخفف عنها .... ألمته قدميه فقد قطع كل تلك المدينه ماشيا إلى أن وصل أمام شركه كبيره رفع رأسه الى تلك الافتة الكبيره المعلقه مكتوب عليها ( إمبراطوريه عامر شاه ) حدث نفسه بعدما فقد الأمل في أن يساعده أحد ”عجيبه هذه الدنيا .. هناك من يبنون إمبراطوريات، يعيشون في رخاء مثل صاحب هذه الشركه وهناك من هم مثلي يرون والدتهم تموت ولا يستطعون فعل شيئ لها“ كاد أن يحسد صاحب هذه الشركه ويدخله الغل من حسرته ، لماذا أناس أغنياء وآخرون فقراء، لكنه أفاق من شر أفكار وإستغفر الله قائلا ”أستغفر الله العظيم صدق من قال الفقر يكفر الانسان“ جلس على الرصيف أمام باب الشركه يريح قدميه من الألم ، لكنه ما إن جلس حتى شعر بيد تربت على كتفه وصوت يقول له ”أنت يا هذا لا تجلس هنا هذه شركه محترمه لا يصح أن تبقى امامها هكذا“ نظر نادر الى نفسه صحيح أن قضائه النهار كله خارج بيته قد أكسبه هيئه يرثى لها بسبب العرق وغبار الطرقات إبتسم يستهزء بنفسه، وقف وأجاب ذلك السيد ”ومن تكون أنت؟“ أجابه ذلك الرجل ”أنا الحارس هنا وأنصحك أن تذهب قبل أن ينزل السيد شاه ويجدك هنا“ فكر نادر ولهة وأراد أن يجرب حظه لطلب عمل ”حسنا أخبرني هل أستطيع مقابله صاحبه الشركه“ ضحك الحارس عليه بإستهتار يجيبه ”هل أنت مجنون !! تريد أن تقابل السيد عامر بهيئتك هذه وبدون موعد كذلك !! وماذا تريد منه“ أخرج نادر وصفه الطبيب من جيبه وأجابه ”أمي مريضه وليس لدي نقود كي أشتري لها الدواء .. أريد أن أطلب من سيدك وضيفه“ ضحك الحارس بشده حتى جلب أنظار المارين ورد عليه بسخريه ”سمعت عن المتوسلسن الذين يحملون وصفات طبيه كي يطلبو نقودا، لكنها أول مرة أسمع عن متسول يطلب عمل“ غضب نادر من وقاحة هذا الرجل أرجع الورقه الى جيبه  وإنقض عليه يجذبه من قميصه يصرخ في وجهه قائلا ”أنا لست متسول أنا رجل محترم مثلك غير أن ظروف الحياة أدت بي اليوم لطلب الإعانه .. أمي مريضه وليس لدي نقودا لشراء الدواء لها، أنا قادر عن العمل“ أبعد ذلك الحارس يد نادر ودفعه بقوة حتى سقط على الرصيف يجيبه بصراخ بعدما غضب منه هو كذلك ”إبتعد يا نذل كيف تجرئ .. إذهب من هنا لا يوجد عمل لك“ في هذه اللحظه ومن سوء حظ الحارس خرج عامر من شركته ليعود الى بيته وقد رأى وسمع ما فعله بنادر، أسرع إليه وهو يصرخ في وجه الحارس ”ماذا فعلت أيها الغبي ! كيف تتصرف مع هذا الرجل بهذه القساوه“ تفاجأ الحارس بسيده إرتعش خوفا منه تبكم لم يستطع الرد أو الدفاع عن نفسه،  ساعد عامر نادر على الوقوف وهو يسأله ”هل أنت بخير“ ثم إلتفت للحارس يؤنبه مره أخرى بقساوه ”ماذا فعل كي تتصرف معه هكذا“ فقد الرجل صوته ثوان كان يرتجف فيها يفكر أن هذا ربما آخر يوم له هنا ثم تشجع وأجابه ”كان يتسول أمام باب الشركه، طلبت منه أن يذهب لكنه رفض وأراد......“ قطعه عامر فقد زادت حده غضبه عندما سمع ان الرجل كان يطلب معروفا صرخ في وجه الحارس بحده هزته من مكانه يتراجع الى الوراء ”أليست لديك ذره رحمة، لا يكفيه ما يعانيه“ ولكي يدافع عن نفسه ويبرر تصرفه رد الحارس على سيده ”سيدي .. كان يريد مقابلتك بدون موعد مسبق“ كل ذلك الوقت ونادر يشاهد ما يحدث أمامه لم يكن يعرف من هذا الشخص الذي يدافع عنه، بدى له شخصيه مهمة لكنه لم يشك لحظه أنه صاحب المكان حتى سمع الحارس يناديه سيدي، دنى من عامر الذي مازال يعاتب حارسه وقال له ”شكرا على مساعدتك لي ... لم  أكن أعرف أنك صاحب هذه الشركه، أعتذر منك أنا ذاهب من هنا“ إلتفت إليه عامر يسأله ”إنتظر لا تذهب ... ثم إلتفت الى الحارس يواصل معه ... وأنت موقوف عن العمل منذ هذه اللحظه بسبب تصرفك“ توسل الحارس لسيده أن يغفر له، لكن نادر تدخل قائلا ”أرجوك سيدي لا توقفه عن عمله بسببي، ربما لديه عائله يعمل لكسب قوتهم ... أنظر إلي أين وصلت بسبب توقيفي عن العمل“ هدأ عامر بعد سماعه لهذا الكلام أمر الحارس الى العوده لمنصبه وطلب من نادر ”هل أستطيع أن أعرف ماذا كنت تفعل هنا“ تنهد نادر بعمق عندما تذكر سبب إختفائه عن بيته طول النهار تذكر أمه المريضه وهو عاجز أن يحظر لها ما يشفي علتها وولديه اللذان ربما هما الآن على مائده الطعام ينتظران ما يسكت جوعهما، أدخل يده في جيبه وأخرجها بعد ذلك تمسك ورقه طبية .. نظر لعامر يجيبه ”كنت أتسول لشراء الدواء لأمي المريضه“ تأثر عامر لما يحدث أمام عينيه رجل شاب بجسد عريض يسلم أمره للتسول ويخرج لطلب الإعانه كي يستطيع تلبيه طلبات عائلته أظهر حزنه من أجله وسأله مره أخرى ”ولماذا كنت تريد مقابلتي“ قص نادر حكايته لعامر كيف أوقف عن العمل وبحثه عن عمل جديد لكنه لم يجد شيئ ، أخبره عن الحاله التي وصلت إليها عائلته واللقمه التي أصبحت منعدمه في بيته .. كيف لم يستطع أخذ أمه الى طبيب مختص وما قاله له طبيب المستشفى ... وأنهى حديثه قائلا ”كنت أريد أن أطلب منك عملا، لا أريد أن أدخل الى بيتي بأموال الشحاتة ..وأمي التي تحتاج إلى غذاء وأدويتها بإنتظام“ أخرج عامر محفضته ليأخذ مبلغا ماليا قدمه لناذر قائلا ”خذ هذا المبلغ  إشتري الدواء لأمك والباقي يكفيك لآخر الشهر تحظر به أكل لعائلتك“ طار نادرا مسرورا لم يصدق ما يحدث له، هل هو نائم ويحلم !! هل يوجد في هذا العالم أشخاص هكذا شكر عامرا قائلا ”شكرا لك سيدي لكن هذا كثير“ لم ينتهي عامر معه إبتسم لسعادته نظر إلى ساعته على معصمه ويجيبه ”إسمع ... لقد تأخرت على زوجتي ... تعال غدا صباحا إلى مكتبي، لدي وضيفه من أجلك“ سالت دموع نادر من الفرحه صافح يد عامر بصرور كاد أن يقبلها غير أن عامر أبعدها بقي يدعو بأن ينصره الله ووعده أن يكون في الصباح الباكر أمام مكتبه  

~إنتهى نهار نادر كما تمناه في الصباح ... أن يصل إلى حل لمعاناته، تمنى أن يجمع نقودا يشتري بها الدواء لأمه، لكنه تحصل على أكثر مما توقعه ... سيدخل أخيرا إلى منزله كما كان يفعل قبل أن يفقد عمله، ذراعيه مليئه بأكياس تحتوي على ما يسدّ جوع أبنائه .... فتح باب منزله رأى ولديه يركضان إليه سعيدين بما أحضره معه ”أبي، أبي .. ما هذا“ قال إبنه صاحب الأربع سنوات إبتسم نادر بسعاده وهو يرى فرحه إبنيه إقترب من الطاولة ليريح ذراعيه من ثقل ما يحمله يرد عليه ”تعالى أكرم تعالي إكرام العشاء جاهز“ أجلس ولديه أمام الطاوله وبدأ بفتح الأكياس ونظرات أمه من بعيد حائره لما يدور حولها لم تفهم بعد حتى تقدمت زينب تسأل زوجها  ”من أين كل هذا نادر !! هل....“ قاطعها بينما كان يضع الأكل في الصحون أمام ولديه ”ماذا تقصدين، هل تحسبينني....“ لم يذهب الى آخر كلماته أمام طفليه ... مسح يديه ثم مسك يدها مواصلا حديثه ”تعالى“ إقترب من سرير أمه وفي يده الأخرى طبق أكل، جلسا هو وزوجته ليقص عليهما ما حدث معه منذ أن تركها في البيت وخرج لإجاد حل لمشاكله  بدأكلامه قائلا ”لقد أحضرت لك الدواء كلي قليلا قبل أن تتناوليه ... ... الله لا يترك سائلا إلا وأعطاه، وضع في طريقي أكرم رجل عرفته في حياتي، أعطاني نقودا ووعدني بوضيفه“ أخذت السيده فاطمه الأكل من يد إبنها، لم تعارض اليوم لقد أفرجها عنهم وبدأت حياتهم تعود إلى ما كانت من قبل .... سالت دموع زينب من الفرحه، فقد سقط الثقل عن كاهلها وضعت يدها على بطنها المنتفخ كانت تتساءل ماذا سيحل بهذا المولود الجديد كيف سيقابل عالمه الجديد بأحزان والدين وبكاء أخوين من الجوع، كانت تفكر أن تسمح فيه وتعطيه لعائله تعتني به ... تذكرت زينب كل تلك الأفكار المشينه التي راودتها منذ أن فقد زوجها عمله وعرفت أنها حامل ...خبرين في نفس اليوم أرادت أن تتخلص من أحدهما لكن زوجها منعها من إرتكاب جريمه قائلا لها ”من خلق لا يُضيِع ربما سيفرجها الله قبل أن يخرج للحياة“ كان محق زوجها ندمت على تلك الأفكار التي كادت تضيعها بسبب الفقر ... شردت في كل تلك الأفكار وهي ترى سعاده نادر عندما كان يطعم أمه وعندما أعطاء دواءها ولو يتركها حتى خلدت للنوم أول مره وجدت الراحه .... شردت في ضحكات ولديها فارحين بطبق الدجاج الذي أحظره والديهما لم يأكلا أكلا مثل هذا منذ وقت طويل .... وإستيقضت من شرودها عندما مسك نادر بيدها يسألها ”أين ذهبتي زينب لماذا لا تأكلين؟“ سالت دموعها من سعادتها ومن تأنيب ظميرها على عدم صبرها وإيمانها بالخالق تركت يده وإبتعدت إلى غرفتها تبكي، لحقها نادر يلاطف شعرها الذي لم تعتني به منذ زمن طويل ...”ما بها جميلتي“ شيئ وقع لزينب كأنها إستيقضت من غيبوبه ووجدت نفسها متغيره ربما لا تعجب زوجها أسقطت عينيها تجيبه ”لم أعد جميله الفقر غيرني ... غير شكلي وغير أفكاري“ رفع نادر وجهها بين يديه قبّل شفتيها يجيبها ”في عينيا جميله دائما،أراك مثل أول يوم أحببتك لكن أفكارك ماذا تقصدين“ نظرت إليه بندم تجيبه ”ما فعله معك هذا الرجل اليوم جعلني أدرك أنني كنت ظالمه لهذا الطفل ... نادر لقد فكرت التخلص منه وانت منعتني وفكرت كذلك أن أتركه بعد ولادته ونسيت أن هناك إله لا يترك عباده انا نادمه جدا لأنني فكرت هكذا“ عانق نادر زوجته بشده يجيبها ”لقد أخفيتي كل ذلك عني!! لا تؤنبي ضميرك فالجوع يؤثر على العقل“  مسحت زينب دموعها وجدت أخيرا الراحه على صدر زوجها تجيبه ”معك حق ... والآن لم يبقى لي إلا الدعاء لذلك الرجل أن يرزقه الله بما يتمنى ويبارك له في تجارته“ كأن زينب شعرت بعامر وما يتمناه .......

~”بعد التحاليل التي قمتما بها إتضح أنكما سليمين ، لا يعاني أحدكما من أي مشكل “ نظر عامر إلى زوجته مبتسما وهما في عياده الدكتوره التي فحصت حالاتهما، لا يوجد أي عائق  لإنجابهما وهذا يكفيه أن يكمل حياته بدون عراقيل حتى يحين الوقت ويرزقا بطفل، لكن ليلى لم يقنعها كلام الطبيبه أجابتها ببإبتسامه أخرى يبدو عليها الحيره نظرت إلى الدكتوره تسألها 

”لماذا لا أستطيع الإنجاب إذاً ... لقد مرّ سنتين على زواجنا“ رفعت نظّاراتها فوق رأسها  تستعد لشرح لها بعض أسباب عدم الإنجاب  ”أسباب كثيره تحول للإنجاب وذلك متوقف عن حياة الأزواج، فمثلا أحيانا يأتيني أزواج يعانون من عدم الإنجاب ،وعند حديثي معهم أكتشف أن الزوج يعمل في مدينه أخرى بعيدا جدا عن بيته ولا يلتقي بزوجته إلا مرتين في الشهر وعادة هاتين المرتين لا تصادف فتره الإخصاب ... وبعد إدراكهما للمشكل يغيرا أوقات لقائهما ويحصل حمل ... لا أعرف الوضع معكما“ خجلت ليلى من كلام الدكتوره وأخفضت رأسها، أما عامر فقد ضغط على يد زوجته التي كانت على طاوله المكتب إبتسم ليجيبها ”هذا ليس الوضع بالنسبه لنا“ ظهرت إبتسامه على شفتي الدكتوره فهمت قصد عامر، وردت على جوابه 

”إذاً ليس هناك إلا التشخيص الثاني وهو الحاله النفسيه ... أحيانا المرأه تعاني من حالات نفسيه مكبوته من أوضاع عاشتها في الماضي تحول بينها وبين الحمل“ إستغرب عامر وليلى من هذا التشخيص وقبل أن تتكلم زوجته سأل هو ”كيف ذلك ! ماذا تقصدين“ .... ”أقصد أن السيده ليلى ربما كبتت شيئ في حياتها يمنعها من الحمل .... لا أستطيع أن أقول لك ما هو لكن بالكلام نستطيع كشفه، وإذا أردتم أوجهكما إلى طبيب نفساني“ لم تتحمل ليلى هذا الكلام ... حياتها الماضيه التي أرادت نسيانها وقد نجحت كل هذه السنين تطاردها اليوم وتمنعها من أجمل حلم تريد تحقيقه، أخذت حقيبه يدها بغضب وغادرت العياده بدون إستئذان فاجأتهما بتصرفها شعر عامر بإنزعاج بسبب ذلكك وقف هو كذلك من مكانه صافح الدكتور متأسف بقوله ”آسف دكتوره .. لا أعرف لماذا تصرفت هكذا، سأهدؤها ونعود في أقرب فرصه“ تفهمت هذا التصرف فهذه ليست أول مرة تشاهد ذلك ”لا تتأسف كنت أتوقع ذلك .. إهتم بها وأنا في إنتظاركما“ إستأذن ثم خرج مسرعا وراء زوجته .......

ليست هناك تعليقات