الملك و الثعبان

عازف الكلمات
By -
0
                              بقلم مروة نصر


تجمعنا أنا وأخواتي كالعادة حول جدتي، لتروي لنا إحدى قصصها الممتعه، وتزاحمت بينهم حتى 
أكون أمامها و أسمع جيداً، و بعفوية مني أصبت اختي الصغيرة في يدها، صرخت متألمة و بكت بشدة، نظرت لي جدتي تلومني ، فنكست رأسي خجلاً، لأجدها تربت علي رأسي بحنو، و اومأت برأسها ناحية اختي الصغيرة، ابتسمت لها متفهمة و عانقت اختي مصالحة، و قبلت رأسها فسامحتني و ابتسمت لي .
ابتسمت جدتي و عانقتنا جميعا فرحة بنا، انتهينا من المداعبات و الضحك و حان الأن موعد القصة. 
بدأت جدتي الحديث بالصلاة على النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام )و أنه يحكي في قديم الزمان، عن حاكم مدينة يملك من الجاه و الأموال الكثير، يظلم رعيته و يسلبهم كرامتهم، ولا يوجد من يعترض عليه ، جميعهم خائفون منه ، و من قسوته .
حتى أتى ذلك اليوم الذي يسير فيه الحاكم في موكبه، يتفقد رعيته و يشاهد نظرة الذل في أعينهم،
وهو يمشي مختالا بنفسه يظهر أمامه فجأة من العدم، ثعبان كبير له رأسً مخيف، خص الحاكم بنظرة زرعت الرعب في قلبه و زلزلت قوته، هرب الجميع من حوله، لم يجد لا حرس و لا أحداً من الرعية يستنجد به، الكل انفض من حوله في ثوان، و أصبح هو و الثعبان في مواجهة بعضهم البعض، صاح به الحاكم ليبعد عنه و لكن بلا فائدة، حتى حدث شيئا غريبا، تحول الثعبان لشاب قبيح و نظر للحاكم الذي يكاد ان يفقد وعيه من الخوف،  واردف بصوت مهيب :

ما بك أيها الحاكم  أتخاف مني  ؟ و أنت تزرع الخوف و القهر في رعيتك، أنظر لنفسك جيدا، 
هل ترى أحداً حولك ؟ فالكل خائف على نفسه، و انفضوا من حولك لأنهم يكرهونك و يتمنوا موتك، لو كنت تراعي ربك في رعيتك و تعطف عليهم و تساعدهم و تكرم كبيرهم  ما تركوك وحدك تواجه مصيرك الحتمي وهو الموت لدغا بالثعبان. 

 انحني الحاكم و هو يكاد يلتقط أنفاسه، و وقع علي الارض امام الشاب وبكى بقهر، و ظل 
يستغفر الله كثيرا و يطلب رحمته، و همس له :
أنا فعلا أخطأت في حق الله و في حق رعيتي، غرتني الأموال، و غرتني قوتي، و نسيت أن الله يمهل ولا يهمل، وأن الله العدل و يحب أن يكون الحاكم عادلا رحيما،  يعطي الفقير و يحن علي الضعيف و يكرم الكبير، لقد تعلمت الدرس جيدا أرجو أن تعطيني فرصة اخري لأصلح من أخطائي، و الله علي شهيداً. 
اومأ الشاب برأسه وشبح ابتسامة داعبت شفتيه، و اختفى في لمح البصر من امامه، خر الحاكم ساجداً لله شكراً على اتاحة فرصة ثانية له ليصحح اخطائه، و بالفعل أصبحت المدينة زاهرة تحكم بالعدل و الكل اصبح سعيدا و الحاكم اصبح محبوبا من رعيته بعدما راعى الله فيهم و حقق العدل بينهم. 
أنهت الجدة القصة و هي مبتسمة بسعادة، لاننا كنا مبهورين بالقصة، و بما حققه الحاكم في مدينته 
حتى اصبحت مدينة العدل و الرحمة. 
#تمت.





إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)