الفصل 2

عازف الكلمات
By -
0


الفصل الثاني

شعرت حور بإقتناع والدها بإبن صديقه وبأنه سيرغمها على الزواج منه فظلت في غرفتها إلى أن حل الليل وجمعت بعض من ملابسها في حقيبة صغيرة وأخذت المبلغ المالي الذي كانت تدخره وانتهزت الفرصة بعدما تأكدت أن الجميع نائمين وتسللت في الليل من بيت أهلها متوجهة لبيت أنيس وحدث ما حدث 

وأثناء شرودها عاد وغلبها النوم مرة ثانية فاستسلمت وراحت في ثُبات عميق 

_____________________

أدهم: يا كريم يالا هنروح المزرعة نشوف الفاكهة أخبارها إيه، اصحي يا ابني انت كفايه نوم. 


كريم: ماشي هقوم اهوه. 


_ يا ابني يالا قوم، إيه الكسل ده، عندنا شغل لازم نطمن عليه، الشركة جايه تستلم الفراولة. 


_ طيب بالراحة، أنا قومت أهوه، هو اللي يعرفك يشوف راحه، يالا يا عم خلينا نتوكل على الله، دقيقتين بس أغسل وشي وأغير واجيلك. 


_ يا كريم هروح أشوف الكراتين اللي في المخزن علشان الشركة هتيجي تستلم الفراولة بعد بكره.


- طيب ماشي، بسرعة متتأخرش أنا جعان، خلينا نخلص ونروح نفطر قبل ما العمال ييجوا ونبدأ شغل الواحد حتى مش بيعرف يشرب الشاي سخن. 


_ ماشي راجع على طول.

 

دلف أدهم للمخزن وإذا به يشعر وكأن عجلة الزمن قد توقفت، أخذ يحملق في ذهول وانتابته حالة من الدهشة

حين رأي ذلك الشعر الأصفر الذهبي وقد تدلى من المقعد يلامس الأرض، فهم أنها فتاة ولكن لم يشاهد وجهها وتسارعت التساؤلات وهاجمته: مين دي، وإيه اللي منيمها كده وبالطريقة دي، و ازاي دخلت هنا اصلا؟


اقترب منها وبصوت هادئ تحدث إليها حتى لا تُفزع: يا آنسه، اصحي. 

لم تستفق حور ولم ترد. 

اقترب أكثر و أخذ يربت على طرف المقعد بإصبعه حتى تستفيق: يا استاذة، يا آنسة، فوقي، اصحي.

 

استفاقت حور حين شعرت به وتناهى صوته إلى مسامعها، أسرعت واعتدلت من نومها ثم هبت واقفة متسائلة: أنت مين وعاوز إيه مني؟

أسرعت وجذبت الغطاء القديم ولفت به جسدها ولم يظهر منها سوى وجهها وشعرها الأصفر الذهبي الحريري المنسدل على كتفيها حتى كاد يغطي آخر ساقيها غير خصلاته التي تساقطت على وجهها الملائكي. 


أخذ أدهم يُحملق بها، فتح فمه غير مصدق كل ذلك الجمال الذي ظهر أمامه، فتاة شديدة البياض، واسعة العينان، عيونها خضراء أحلى وأجمل بكثير من لون أوراق الأشجار اليانعه، جمال ملائكي، سلب منه عقله. 


_ يا أستاذ هو أنت مبتسمعش.

أخذت تشير له بيدها لعله يستفيق من شروده ويجيب على تساؤلاتها. 


تناهى صوت كريم إلى مسامعه: يا أدهم انت فين كل ده، يالا أنا ميت من الجوع. 


تنبه أخيرًا أدهم لصوت كريم وأسرع واقترب من حور ووضع يده على فمها وتاه في جمال عينيها ولكنها لحظات سرقته من الدنيا إلى الجنة ثم استفاق وتذكر أنه مازال يضع يده على فمها حتى لا تتفوه بكلمة وتحدث قائلاً: اهدي شويه ومش عاوز اسمع منك ولا كلمة، أنا مش هأذيكي بس اهدي.

 

_ أبعد ايدك عني، عاوز مني ايه، سيبني اطلع من هنا، هروح لحال سبيلي. 


_ مش هينفع تطلعي دلوقت، شوفي يا بنت الحلال، اللي بينادي عليا ده أخويا الصغير ولو عرف إنك هنا هيعمل معاكي مشكلة كبيرة ومش بعيد يبلغ الشرطة ويعملولك محضر سرقة وتلبسي تهمة أنتي في غنى عنها، والله انا خايف عليكي، اسمعي الكلام ومتطلعيش صوت وانا هآخده وأخرجه من هنا، ومتطلعيش من هنا استنيني انا هرجعلك تاني، هاه اتفقنا. 


دفعته حور دفعة شديدة حتى يبعد يده عن فمها، فأشار لها وأشار بإصبعه في وجهها محذرًا أيها أن تتحدث. 


_ شوفي اختصارًا لأي كلام... عاوزه تمشي امشي في هدوء بعد ما اخرج أنا وكريم من هنا، ولو معندكيش مكان وعاوزه تفضلي هنا يبقى تسمعي الكلام وتهدي، أنا هآخده وهمشي دلوقت بس لازم تفهمي أن المكان هنا مش أمان ده مخزن المزرعة والعمال جايين بعد شويه وهيدخلوا ويطلعوا كتير، بعد ما احنا نمشي اخرجي وامشي شمال هتلاقي حوض مايه كبير لفي من حواليه وامشي يمين هتلاقي اوضة دي كانت بتاعة الغفير ومحدش بيروح ناحيتها لأنه مشي من زمان واحنا مجبناش غيره، هناك هيكون أمان أكتر ليكي، انا اسمي ادهم، لو انتظرتي انا هجيلك تاني بعد شويه ومتفتحيش غير أما تعرفي أن انا اللي على الباب، اتفقنا؟ 


_ طيب ماشي خلاص اتفقنا، امري لله، للأسف أنا مضطرة استنى هنا وهستناك، أنا معنديش مكان تاني حاليا اروحله.  


تركها ادهم وخرج متوجهـًا لكريم 

_ اييييه دااا كله يا ابني انت، انا بقولك جعاااان هموت من الجوع. 


_ معلش على ما خلصت عد الكراتين واطمنت أن العدد مظبوط، يالا يا فضيحة انت هتفضحنا ويقولوا مجوعينك مع أن المزرعه مليانه من خير ربنا، ما تآكل أي حاجة هو حد هيقولك حاجة؟ 


_ لا ما انا كلت بس هفضل آكل فاكهة لحد امتي انا عاوز أفطر مش أهضم. 

صدح صوت أدهم بالضحك وتردد حتى ملئ المكان ووصل لمسامع تلك الحورية

_ طيب يالا يالا يا عم الفضيحة. 


خرج أدهم بصحبة كريم واستقلوا سيارتهم وسط متابعة دقيقة من حور حتى تُنفذ ما قاله لها، انتظرت حتى سمعت صوت السيارة قد تحركت ثم حملت حقيبتها وخرجت، ترجلت بهدوء حتى وجدت حوض المياه والتفت يمينـًا حتى وجدت الغرفة، فتحها بهدوء ودلفت فوجدت بها شباك صغير ومنضدة ومقعد وفراش وخزانة صغيرة للملابس، أخذت نفسـًا عميقـًا ووضعت حقيبتها جانبـًا ثم جلست على المقعد واستندت بذراعها على المنضدة تفكر أين ستذهب بعد ما فعلته بنفسها وأهلها، تساؤلات كثيرة دارت في رأسها: هل إذا عادت سيغفروا لها فعلتها أم أنهم سيطردوها من البيت ويهدروا دمها؟ 

__________________

أدهم شارد في تلك الحورية التي سقطت عليه من السماء، كان يقود سيارته ويفكر فيها ويتحدث لنفسه: أنا ليه مرضتش اسيبها تمشي؟ 

يا تري البنت دي شدتني لدرجة أني عاوز اعرف حكايتها؟ 

_ هاه، انت بتقول حاجه يا ادهم؟ 


_ لا لا، انا بس افتكرت حاجه في الشغل، متقلقش انا كويس. 

________________________

كريمة بصراخ: الحقني يا منصور، حور مش في البيت، اخدت هدومها وشنطتها ومشيت، بنتك هربت يا منصور. 

ارتمت بجسدها فوق المقعد منهمرة في البكاء، تتساقط دموعها كالشلال يغطي وجنتيها.


_ يارب سترك من الفضايح يااارب، ليه كده يا بنتي تفضحيني في آخر ايامي، انا عملت إيه بس في دنيتي علشان تعملي فيا كده. 


تبكي كريمة وهي تتحدث: يا منصور انا قولتلك وافق على أنيس الواد جالك لحد عندك... انت رفضته، هي اكيد هربت معاه، إيه الحل دلوقت، هنعمل إيه في المصيبه دي؟ 


_ انتي كنتي عوزاني أوافق على إيه وهو لسه في الجامعة، يعني اصطاد سمك في مايه، اخطبهم واقعدها جنبي كام سنه على ما يخلص جامعة ويجيب شقة ويفرشها ويشتغل، هو انا لو كنت لقيته ينفع كنت رفضت. 


_ هتعمل إيه دلوقت يا منصور مع الناس اللي جايين يطلبوها؟


_ انا هعتذر وهأجل الميعاد لحد أما نلاقي حل، بنتك فضحتنا يا كريمة، هتخلي رقبتي زي السمسمة وسط الناس والجيران، هتخلي اللي يسوى واللي ميسواش يجيب في سيرتنا، ازاي همشي واقدر ارفع راسي بعد كده، يارب هون. 


_ يارب سترك من الفضايح يااارب. 

_____________________


ادهم: هاه يا عم كريم أكلت وشبعت ولا لسه جعان؟ 


_ آه الحمد لله شبعت، هنشرب شاي بقى ولا مفيش وقت؟ 


_ لأ مفيش وقت، يالا علشان نشوف العمال ونبقى نشرب الشاي في المزرعة. 


_ طيب يالا علشان خاطرك بس، انما الصراحة عاوز انام ومش قادر افتح عيني. 


_ طيب خلاص لو تعبان وعاوز تنام ارجع انت كمل نوم وانا هروح المزرعة واكمل شغل مع العمال واما اخلص هرجع، أنا نمت كويس وفايق، ارجع انت بدل ما تنام في الشغل ويبقى شكلك وحش.


_ طيب ولما الحاج سعيد يشوفني بقى تفتكر هيسيبني، مش بعيد يسمعني كلمتين كالعادة. 


_ لا انت قوله أن انا اللي قولتلك ترجع وهو مش هيتكلم معاك، ده اذا شوفته، هو دلوقت في الشركة ومش هيرجع دلوقت وعلى ما يرجع ممكن أكون انا خلصت ورجعت البيت وابقى الحقك. 


_ بجد، طيب انا همشي وربنا معاك انت بقى ولو احتجت حاجه اتصل باختك تبلغني، انت عارف مش هرد أكيد ولا هسمع صوت التليفون، بس بلغها وهيا هتقوم بالواجب وهتلاقيني قدامك في لحظة.


ارتفع صوت ادهم بالضحك: آااااه ما أنا عارف يا حبيبي، أنت هتقولي، يالا انا لازم امشي علشان الشغل وانت ارجع البيت.

- ماشي سلام. 

تركه كريم وعاد للبيت، أما أدهم أسرع يستقل سيارته متوجها للمزرعة متمنيا أن تكون الفتاة مازالت في انتظاره كما قالت.

#يتبع


إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)